الغضب وتأثيره على صحة القلب.. المخاطر والتداعيات الصحية
..

ليس لأن الغضب عيب أخلاقي أو نقطة ضعف نفسية، بل لأنه خطر صامت يهدد القلب والصحة العامة بشكل أعمق مما نتخيل.
فالتعامل مع الغضب لا يقتصر على الحفاظ على العلاقات أو الهدوء الظاهري، بل هو أيضًا مسألة حياة أو موت، خاصة لأولئك الذين يحملون على أكتافهم عوامل خطر صحية كارتفاع ضغط الدم أو داء السكري أو السمنة أو حتى القلق المزمن.
علميًا، كل نوبة غضب تُطلق سلسلة من التفاعلات الكيميائية والفسيولوجية العنيفة داخل الجسم: من اندفاع الأدرينالين إلى تسارع ضربات القلب، ومن تضيق الأوعية الدموية إلى اضطراب الجهاز العصبي الذاتي. وإن تكررت هذه الحالة، فإنها تحوّل القلب إلى هدف مستمر لضغط متواصل، قد ينتهي بذبحة صدرية أو سكتة قلبية مفاجئة.
ما يؤكد خطورة هذا الأمر هو ما كشفته دراسات حديثة من أن الأشخاص الذين يعيشون في توتر دائم أو يعانون من نوبات غضب متكررة، يكونون أكثر عرضة لترسب الكالسيوم في الشرايين التاجية، وهذه علامة مبكرة لمرض القلب التاجي، والذي يُعد أحد أكثر الأسباب شيوعًا للوفاة عالميًا.
وفي دراسة أخرى، وُجد أن حتى الغضب “الخفيف” إذا تكرر بشكل دائم، يمكن أن يؤدي إلى ضعف التمدد الطبيعي للشرايين ويزيد من الالتهابات الداخلية، وهو أمر يؤدي مع الوقت إلى إضعاف عضلة القلب وتقليل قدرتها على ضخ الدم بكفاءة.
لذا، فإن الرسالة الأهم هنا ليست في تجنب الغضب تمامًا، فهو شعور إنساني طبيعي لا مفر منه، ولكن في كيفية إدارته، فبدلًا من كبت الغضب أو الانفجار به، ينصح الخبراء بممارسة تمارين التنفس العميق، أو التأمل، أو الخروج في نزهة قصيرة عند الشعور بالضيق، أو حتى الكتابة والتفريغ العاطفي على الورق.
في نهاية المطاف، حماية قلوبنا لا تكون فقط عبر الأدوية أو الطعام الصحي، بل تبدأ من داخلنا، من طريقة استجابتنا للمواقف اليومية وضغوط الحياة.
فتعلُّم كيفية التحكم في الغضب قد يكون واحدًا من أكثر القرارات إنقاذًا للحياة التي يمكن أن نتخذها.
تعليقات 0