17 مايو 2025 09:43
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

مصير محمد السنوار بين الغموض والاستهدافات المتكررة..القائد الظل لمرمى نيران إسرائيل

الرجل الذي حيّر الاستخبارات الإسرائيلية مجدداً

لا يزال الغموض يكتنف مصير محمد السنوار، القائد البارز في “كتائب القسام”، الذراع العسكرية لحركة “حماس”، وسط تضارب الأنباء حول نجاته أو مقتله في إحدى أعنف الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة.

وبينما تواصل إسرائيل الإيحاء بأنها تمكّنت من استهدافه، تلتزم “حماس” الصمت، رافضة تأكيد أو نفي أي رواية، ما يعزز حالة الترقب ويزيد من الضبابية.

يُعرف السنوار، الشقيق الأصغر للقيادي الراحل يحيى السنوار، بقدرته العالية على التخفي وتفادي محاولات الاغتيال التي لاحقته منذ أكثر من عقدين، وهو ما جعله هدفاً ثميناً لإسرائيل، خاصة خلال الأشهر الـ18 الأخيرة من الحرب المستمرة على غزة. ورغم الفارق العمري بين الشقيقين – 13 عاماً – فإنهما شكّلا ثنائياً قيادياً بارزاً داخل الحركة، حيث جمعتهما رابطة الدم والسلاح.

مصير محمد السنوار بين الغموض والاستهدافات المتكررة..القائد الظل لمرمى نيران إسرائيل - 1 - سيناء الإخبارية

في حين برز اسم يحيى علنًا ليصبح أحد الوجوه المعروفة لحماس، فإن محمد اختار العمل في الظل، متجنبًا الظهور الإعلامي، وهو ما ساعده على الإفلات من الاعتقال لفترات طويلة، باستثناء ثلاث سنوات أمضاها في سجون السلطة الفلسطينية.

وجاءت أنباء استهدافه بعد نحو 24 ساعة من عملية إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي من أصول أميركية عيدان ألكسندر، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على وجود خرق أمني أو رسالة ردع إسرائيلية.

وقد شنت إسرائيل هجوماً عنيفاً على محيط مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس، مستخدمة أحزمة نارية وصواريخ خارقة للتحصينات، بهدف تدمير شبكة أنفاق يعتقد أن السنوار كان يتحصن بها، وفق تقارير إعلامية ومصادر ميدانية.

مصير محمد السنوار

مصير محمد السنوار بين الغموض والاستهدافات المتكررة..القائد الظل لمرمى نيران إسرائيل - 3 - سيناء الإخبارية

ووصفت إسرائيل الهدف بأنه “نفق تحكم وسيطرة”، قائلة إنه يضم أنابيب أكسجين تُستخدم للبقاء على قيد الحياة في حال حدوث قصف أو انهيار. كما ربطت مصادر فلسطينية هذه الأنفاق بشبكة كانت قد تضررت جزئياً في حرب 2014، قبل أن تتمكن “كتائب القسام” من ترميمها.

محاولات اغتيال محمد السنوار ليست جديدة، فقد نجا من عدة محاولات منذ انتفاضة الأقصى الثانية، أبرزها محاولة تفجير منزله عام 2003، واستهداف نفق كان بداخله مع القيادي رافع سلامة عام 2021.

وتشير مصادر في “حماس” إلى أن الرجل نجا من سبع محاولات على الأقل، إحداها عام 2006 حين قصفت إسرائيل مركبة اعتقدت أنه بداخلها، وأخرى عام 2008، عندما خدع المخابرات الإسرائيلية عبر استخدام جهاز اتصال وهمي.

مصير محمد السنوار بين الغموض والاستهدافات المتكررة..القائد الظل لمرمى نيران إسرائيل - 5 - سيناء الإخبارية

ورغم نفي “كتائب القسام” لاحقاً، فقد ترددت أنباء عام 2019 عن محاولة تسميم السنوار وقيادات أخرى على شاطئ خان يونس، ما يدل على تعدد الوسائل التي استخدمتها إسرائيل للوصول إليه.

داخل “حماس”، يُنظر إلى محمد السنوار على أنه شخصية بالغة الذكاء، شديدة التحفظ، ولا يستخدم أي وسائل اتصال إلكترونية، معتمداً على نقل الرسائل عبر الوسائل البشرية التقليدية.

كما يوصف بأنه القائد التنفيذي الفعلي لكتائب القسام، وصاحب الأدوار المفصلية في تطوير البنية العسكرية للحركة.

ومن أبرز إنجازاته تأسيس “وحدة الظل”، المسؤولة عن حماية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى “حماس”، والتي ظهرت إلى العلن عام 2016 بعد أن بقيت سرية لعقد من الزمن.

وقد جاءت هذه الوحدة عقب خطف الجندي جلعاد شاليط عام 2006، حيث أشرف السنوار على اختيار عناصرها، معظمهم من معسكر خان يونس، كما كان له دور بارز في حمايته وإخفائه.

ووفق مصادر داخل الحركة، فإن السنوار لعب أدواراً أساسية في ملفات التهريب والتصنيع العسكري وحفر الأنفاق، إلى جانب ارتباطه بقيادات في “محور المقاومة”، لا سيما “حزب الله”.

كما كانت له علاقة قوية بشقيقه يحيى، وكان أحد شروطه الرئيسية في صفقة شاليط الإفراج عنه، ما أبطأ المفاوضات أكثر من مرة.

مصير محمد السنوار بين الغموض والاستهدافات المتكررة..القائد الظل لمرمى نيران إسرائيل - 7 - سيناء الإخبارية

وتتهمه إسرائيل حالياً بأنه يقود عملية التفاوض حول صفقة تبادل جديدة، ويعرقل التوصل إلى اتفاق، في ظل ما تعتبره تشدداً في الشروط.

وعند السؤال عن احتمالية اغتياله، تؤكد مصادر في “حماس” أن البنية التنظيمية للكتائب ستبقى متماسكة، وأن البدائل جاهزة، مثل محمد شبانة قائد لواء رفح، وعز الدين الحداد قائد لواء غزة، بالإضافة إلى رائد سعد، المسؤول عن “ركن التصنيع”، والذي لا يزال مصيره مجهولاً رغم محاولات إسرائيل اغتياله واعتقاله سابقاً.

في المشهد الراهن، يبقى محمد السنوار، سواء كان على قيد الحياة أم لا، رمزاً للرجل الذي استطاع أن يخفي نفسه ويقود حرباً من الظلال، محاطاً بسلسلة من الروايات والألغاز التي تجعل منه أحد أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام في معادلة الصراع المتواصلة بين إسرائيل و”حماس”.