ترامب يروج مزاعم إبادة المزارعين البيض أمام رئيس جنوب إفريقيا رغم تفنيدها بالأدلة

في مشهد اتسم بالتوتر الحاد، واجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا خلال اجتماع في البيت الأبيض، بسلسلة من الادعاءات المتعلقة بجرائم مزعومة ضد المزارعين البيض في جنوب إفريقيا،وعلى الرغم من أن الاجتماع بدأ بنبرة ودية، إلا أن الأجواء تحولت بشكل سريع بعد عرض ترامب لمقاطع فيديو مثيرة للجدل وتقديمه مزاعم حول “إبادة جماعية” ضد الأقلية البيضاء في البلاد.

فيديو الصلبان البيضاء نصب تذكاري لا مقابر

عرض ترامب خلال الاجتماع مقطع فيديو يظهر صفوفا من الصلبان البيضاء على جانب طريق ريفي، مدعيا أنها تمثل قبورا لأكثر من ألف مزارع أبيض قتلوا في جنوب إفريقيا.

إلا أن روب هواتسون، أحد منظمي الحدث الذي ظهر في الفيديو، صرح لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن الموقع لم يكن مقبرة فعلية، بل نصبا تذكاريا مؤقتا تم نصبه بعد مقتل الزوجين غلين وفيدا رافرتي في منزلهما عام 2020.

ووفقا لخدمة “بي بي سي فيريفاي”، تم تحديد الموقع جغرافيا في مقاطعة كوازولو ناتال، بالقرب من مدينة نيوكاسل، وأكدت صور التقطت لاحقا عبر “جوجل ستريت فيو” في مايو 2023 أن الصلبان قد أزيلت منذ ذلك الحين.

مزاعم الإبادة الجماعية لا أدلة إحصائية تدعمها

كرر ترامب خلال الاجتماع مزاعمه السابقة بشأن وجود “إبادة جماعية” تستهدف المزارعين البيض في جنوب إفريقيا، مشيرا إلى أن عددا كبيرا منهم يسعى للجوء إلى الولايات المتحدة بسبب الاضطهاد.

إلا أن البيانات الرسمية تظهر خلاف ذلك ، فقد سجلت جنوب إفريقيا، التي تعد من أكثر دول العالم عنفا، 26,232 جريمة قتل خلال العام الماضي، من بينها 44 حالة قتل لأفراد من المجتمع الزراعي، ثمانية فقط منهم مزارعون، ولا تصنف هذه الإحصاءات حسب العرق، لكن لا توجد أي أدلة تدعم مزاعم وجود حملة منظمة أو ممنهجة ضد البيض.

كما وصف قاض في جنوب إفريقيا في فبراير الماضي فكرة “الإبادة الجماعية” بأنها “غير حقيقية ومتخيلة بوضوح”، وأكدت أرقام اتحاد ترانسفال الزراعي (TAU)، الذي يرصد حوادث القتل في المناطق الزراعية، مقتل 23 أبيضا وتسعة سود في هجمات على المزارع العام الماضي. في المقابل، سجلت جامعة تل أبيب مقتل ثلاثة من البيض وأربعة من السود في نفس السياق خلال العام الجاري.

الجدل حول أغنية “اقتلوا البوير”

ضمن الاجتماع، عرض ترامب أيضا لقطات من تجمعات سياسية في جنوب إفريقيا يغنى فيها بأغنية “اقتلوا البوير”، وهي أغنية مناهضة للفصل العنصري تعود إلى زمن المقاومة، يرى البعض أنها تحرض على العنف ضد البيض.

ورغم أن بعض المحاكم في جنوب إفريقيا صنفت الأغنية سابقا على أنها خطاب كراهية، إلا أن أحكاما قضائية صدرت مؤخرا قالت إن غناءها في التجمعات العامة يعتبر تعبيرا سياسيا مشروعا لا يعد تحريضا مباشرا على العنف.

وتجدر الإشارة إلى أن أحد الشخصيات التي ظهرت في الفيديو هو جوليوس ماليما، زعيم حزب مقاتلو الحرية الاقتصادية (EFF)، الذي كان سابقا مسؤولا في جناح الشباب التابع لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، ماليما لم يشغل أي منصب رسمي في الحكومة منذ مغادرته الحزب في عام 2012، لكنه لا يزال شخصية سياسية مثيرة للجدل.

دعم إعلامي وسياسي لادعاءات ترامب

ادعاءات ترامب بشأن أوضاع المزارعين البيض في جنوب إفريقيا ليست جديدة، إذ لطالما ضخمها مؤيدو إدارته، ومنهم إيلون ماسك وتاكر كارلسون، المذيع السابق في قناة فوكس نيوز.

وقد عرض كارلسون عدة حلقات ركزت على مزاعم “إبادة البيض”، رغم أن كثيرا من هذه الادعاءات لا تستند إلى بيانات موثوقة، وبعضها تم تفنيده بشكل قاطع.