خالد أبو ماشي: حكاية رجل يحافظ على روح البادية ويعيدها للحياة

في قلب شمال سيناء، حيث تحكي الرمال حكايات الأجداد، نشأ خالد سليمان أبو ماشي، خبير التراث السيناوي، في بيئة تنبض بكل تفاصيل التراث البدوي الأصيل. منذ صغره، كان خالد يتعامل مع أدوات وملابس البادية البسيطة، التي تكاد تختفي اليوم تحت وطأة الحداثة التي فرضت بدائل بعيدة عن أصالة الماضي وروح البدو.
في لقاء مع “أبو ماشي”، أكد أنه منذ شبابه تعلق بفكرة الحفاظ على هذا التراث العريق، ليكون جسرًا يربط الأجيال الحديثة بحياة الآباء والأجداد.
انطلق من شغفه بالبيئة المحلية إلى العمل السياحي، حيث لاحظ إعجاب السياح من مختلف الجنسيات بالتراث البدوي، ما دفعه إلى جمع كنوز من التراث وتأسيس متحف خاص يروي قصة البادية السيناوية، ويعيد إليها الحياة.
لم يكتفِ خالد بجمع المقتنيات، بل اتخذ خطوة نوعية بإحياء “بيت الشعر” البدوي، ذلك الصرح الذي كان على وشك الانقراض، مشيرًا إلى الصعوبات التي واجهها في الحصول على الصوف الخام من محافظات بعيدة، وضرورة إحياء مهارات الغزل والنسج التي اندثرت مع الزمن.
بعد أربع سنوات من الجهد، نجح في إنتاج نسخ طبق الأصل لبيوت الشعر، وأدخل سوق الإكسسوارات الخاصة بالهجن، التي لاقت رواجًا حتى خارج مصر في دول مثل الأردن والسعودية وقطر.
خالد أبو ماشي لا يقتصر على التراث فقط، بل طور منتجات تراثية مبتكرة، أحياءً أشياء اندثرت من العالم العربي بأكمله، مثل الدويرة والخرج والغرزة، مانحًا إياها حياة جديدة وأسواقًا رائجة، ليخلق فرص عمل حقيقية لسيدات بدويات تسهمن في الحفاظ على هذا الإرث وتحويله إلى مصدر رزق.
خالد أبو ماشي
معارضه في شرم الشيخ والقرى التراثية على هامش مهرجانات سباقات الهجن لا تزال تستقطب الزوار بشغف، حيث يعرض أدوات معيشة مثل “الباطية” والقدح الخشبي، إلى جانب الملابس البدويّة التي تختلف ألوانها حسب الأعمار والأدوار الاجتماعية، مما يعكس التنوع الثقافي داخل البادية.
ويؤكد خالد أن المشروع يدمج بين التراث والحداثة بأسلوب حضاري دون المساس بالأصالة، فتم تطوير منتجات سياحية جديدة مثل الحقائب والخرز التي تحظى بشعبية كبيرة.
الرسالة الأهم التي يحملها أبو ماشي هي أن “من لا يعرف ماضيه لا يملك حاضرًا”، ولهذا يسعى جاهدًا لتعريف الشباب بتراثهم البدوي العظيم، ليظل حياً لا يُمحى رغم ضغوط الزمن والتغير.
خالد سليمان أبو ماشي، ليس مجرد جامع تراث، بل صانع جسر بين الماضي والحاضر، يحفظ هوية البادية السيناوية ويعطيها فرصة جديدة لتزدهر في عالم اليوم.
تعليقات 0