بحيرات الملح بواحة سيوة..جنة معلقة تجمع بين الجمال والعلاج والطاقة الإيجابية

في قلب الصحراء الغربية، وعلى بُعد نحو 30 كيلومترًا من واحة سيوة، تقبع واحدة من أندر وأجمل عجائب الطبيعة في مصر: بحيرات الملح. هذه اللوحات الكريستالية الخلابة، التي باتت في السنوات الأخيرة وجهةً لا غنى عنها لعشاق الطبيعة والمغامرة والاستشفاء، تزداد شهرتها يومًا بعد يوم، حتى تحولت إلى مزار عالمي يستقطب آلاف السياح من مختلف الجنسيات.
تتميز بحيرات الملح بخصائصها العلاجية الفريدة، حيث تحتوي على تركيزات عالية من الملح واليود، مما يجعل السباحة فيها تجربة مدهشة وآمنة؛ فالماء يدفع الجسم للطفو بسهولة، ويستحيل الغوص فيه، وهو ما يمنع الغرق ويمنح الزائر إحساسًا بالراحة النفسية والصفاء الذهني وطرد الطاقة السلبية.
وبخلاف قيمتها العلاجية، تشكّل البحيرات مشهدًا بصريًا فريدًا، خاصة عندما تتخلل الشمس مياهها الفيروزية الصافية، فتعكس تدرجات الألوان فوق طبقات الملح الأبيض الناصع، الذي يشبه الثلوج في قاع البحيرة وعلى جوانبها. هذا المشهد الجمالي بات مصدر جذب للمدونين والمؤثرين، الذين نشروا صورهم وفيديوهاتهم عبر مواقع التواصل، ما ساهم في ازدياد الإقبال العالمي عليها.
ويرتبط ظهور هذه البحيرات الغريبة بعمليات استخراج الملح الصخري، حيث تُحفر القطاعات على أعماق تتراوح من 3 إلى 4 أمتار، فتتجمع المياه فيها لاحقًا وتكوّن هذه المسطحات الطبيعية، التي سرعان ما تحوّلت من موقع عمل إلى مقصد سياحي.
وتنظم شركات السياحة رحلات خاصة إلى هذه البحيرات، ضمن برنامج متكامل يشمل الاستمتاع بالمياه، وتجربة العيش في أجواء بدائية تحيط بها مزارع النخيل والزيتون، وطرقات ترابية تشبه مغامرات الأفلام الوثائقية.
ولا تقف جاذبية سيوة عند بحيراتها، بل تمتد إلى كنوزها البيئية والتاريخية، حيث تضم أكثر من 200 عين مياه طبيعية بعضها ساخن وكبريتي، إلى جانب معالم أثرية نادرة مثل معبد الوحي وجبل الموتى وقلعة شالي. كما أن الواحة مصنفة كمحمية طبيعية، يُمنع فيها البناء العشوائي أو التعدي على الطراز السيوي الأصيل، إذ تحتفظ مبانيها بطابق أو طابقين، وتتناغم ألوانها مع بيئتها.
واحة سيوة ليست فقط وجهة استجمام، بل هي رحلة إلى زمن آخر، حيث الحياة البسيطة، والنقاء البيئي، والعلاج من أمراض الجلد والصدر، وتحقيق التوازن الداخلي في قلب الصحراء.
تعليقات 0