رغم نيران الشرق المشتعل… السياحة المصرية تصمد وتراهن على الداخل

يظل قطاع السياحة المصري صامدًا، بل ويبعث برسائل طمأنة على كافة المستويات، وذلك في وقتٍ يشتد فيه القصف وتتصاعد المخاوف من اتساع رقعة الحرب بين إيران وإسرائيل.
ففي حين تهتز عواصم الإقليم من نُذر التصعيد، تحافظ مصر على استقرارها، مستفيدة من موقعها الجغرافي الآمن نسبيًا، ومن موسم السياحة الداخلية الذي انطلق تزامنًا مع انتهاء العام الدراسي، ليضخ زخمًا إيجابيًا يعوّض أي تراجع محتمل في السياحة الخارجية.
أكد الخبير السياحي، أشرف سركيس أن تأثير التوترات الجيوسياسية على السياحة المصرية محدود، مرجحًا أن تقتصر الانعكاسات على مناطق بعينها مثل جنوب سيناء، بينما تظل الوجهات الأخرى مثل البحر الأحمر ومرسى علم آمنة ومستقرة.
وأشار إلى أن السياحة الداخلية تسهم سنويًا في تحريك نحو 18 مليون مصري داخل البلاد، مؤكدًا أن الفنادق تسجل حجوزات قوية حتى منتصف سبتمبر المقبل.
في ظل التحذيرات الصادرة من سفارات أمريكا وبريطانيا وألمانيا بشأن السفر للمنطقة، قد تتراجع أعداد الوافدين من هذه الدول، إلا أن استمرار تدفق السياح من روسيا، بولندا، وأوروبا الشرقية، بفضل الأسعار التنافسية نتيجة فرق العملة، يُعوّض هذا الغياب، بحسب سركيس.
وأوضح أن مصر تظل وجهة منخفضة التكلفة، ما يمنحها ميزة نسبية أمام مقاصد سياحية أخرى في ظل ارتفاع تكاليف السفر عالميًا.
ومن جانبه، نفى إيهاب ناجي، مدير فنادق “صني دايز”، أي تأثير أمني مباشر على السياحة المصرية، مشيرًا إلى أن الأزمة الإقليمية قد تؤثر فقط على قرارات بعض السائحين الذين يبحثون عن “رحلات ترفيهية كاملة الاسترخاء”.
وشدد على أن القاهرة والإسكندرية تشهدان رواجًا سياحيًا ملحوظًا، خاصة من الزوار العرب والخليجيين، وأن التأثير الأكبر سيكون في حالة إغلاق المجال الجوي لبعض الدول، وليس نتيجة اضطرابات داخلية.
بيانات البنك المركزي المصري تكشف قصة نجاح صامتة رغم الاضطرابات الإقليمية والعالمية:
إيرادات السياحة قفزت من 4.4 مليار دولار عام 2020 إلى 15.3 مليار دولار في 2024.
عدد السائحين تضاعف من 3.5 مليون إلى 15.8 مليون خلال نفس الفترة.
ويستهدف القطاع الوصول إلى 25 مليون سائح و24 مليار دولار إيرادات سنوية بحلول عام 2030، عبر خطة تطوير شاملة للبنية التحتية وزيادة الطاقة الفندقية وتحسين جودة الخدمات.
وعلى صعيد التمويل، تقول الخبيرة المصرفية مروة الشافعي إن البنوك تتعامل بحذر مع طلبات التمويل الجديدة في القطاع السياحي، مع خضوعها لمزيد من الدراسة الائتمانية الدقيقة، لكنها لا تزال ملتزمة بدعم النشاط في ظل عدم وجود مؤشرات على تراجع فعلي حتى الآن.
وتؤكد أن قرار تقليل التمويلات لم يُطرح بعد، لكن التصعيد الكبير قد يغيّر المعادلة إذا ما طالت الأزمة وارتفعت المخاطر.
وفي السياق ذاته، أوضح محمد عبدالعال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، أن البنوك تفضل توجيه التمويل السياحي إلى الكيانات الكبرى المالكة لأصول فندقية، نظرًا لانخفاض مخاطرها وقدرتها على تحقيق عوائد دولارية قوية، مما يعزز استقرار سوق النقد الأجنبي.
وأضاف أن تمويلات السياحة تعد استثمارًا استراتيجيًا للدولة، خاصة في وقت تحتاج فيه مصر إلى تعزيز احتياطي العملة الصعبة.
تعليقات 0