7 يوليو 2025 18:46
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

ماري كوري.. أسطورة العلم والإشعاع

هل تعلم أن أول امرأة في التاريخ تفوز بجائزة نوبل في الفيزياء ثم تحصل عليها مرة أخرى في الكيمياء هي العالمة الشهيرة ماري كوري التي ولدت في مدينة وارسو يوم 7 نوفمبر 1867، وكان اسمها الأصلي ماريا سكلودوفسكا.

نشأت في أسرة مهتمة بالتعليم، فكان والدها معلمًا في إحدى المدارس الثانوية، وقد زرع فيها حب العلم مبكرًا، حتى أنها تلقت أولى دروسها العلمية على يديه.

في ظل الاضطرابات السياسية في بولندا الخاضعة للحكم الروسي آنذاك، قررت ماري مغادرة وارسو إلى كراكوف التي كانت تحت السيطرة النمساوية، ثم لاحقًا إلى باريس عام 1891، لمتابعة دراستها الجامعية في جامعة السوربون، حيث حصلت على شهادتين في الفيزياء والرياضيات.

عام 1894، التقت بالأستاذ الجامعي بيير كوري، وتزوجا لاحقًا. شكّلت شراكتهما العلمية والزوجية بداية رحلة عظيمة من الاكتشافات. بعد وفاة بيير في حادث مأساوي عام 1906، تولت ماري مكانه كأستاذة في جامعة السوربون، لتصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب.

شغلت كوري منصب مديرة مختبر كوري في معهد الراديوم بجامعة باريس، الذي تأسس عام 1914. بالرغم من بساطة الإمكانيات في بداية مسيرتها، تمكنت مع زوجها من القيام بأبحاث ثورية أدت إلى اكتشاف البولونيوم والراديوم، حيث أسمت العنصر الأول تيمنًا ببلدها “بولندا”.

أثبتت كوري براعتها في فصل الراديوم عن العناصر المشعة الأخرى، واستكشاف خصائصه، وخاصة قدرته على العلاج الإشعاعي، وهو ما فتح بابًا جديدًا في الطب الحديث. خلال الحرب العالمية الأولى، سخّرت نفسها وابنتها إيرين لتطبيق العلاج الإشعاعي في الميدان، لتخفيف آلام الجنود الجرحى.

ولم تتوقف جهودها العلمية عند حدود فرنسا، فقد سعت لإنشاء مختبر إشعاعي في وطنها بولندا، وتلقت دعمًا كبيرًا من الرئيس الأمريكي هوفر عام 1929، حيث قدّم لها 50 ألف دولار لشراء الراديوم لهذا الغرض.

تميزت ماري كوري بصفات نادرة؛ كانت هادئة، متواضعة، وتحظى باحترام المجتمع العلمي الدولي. شغلت عضوية مجلس فيزياء سولفاي منذ عام 1911، وكانت ضمن لجنة التعاون الفكري لعصبة الأمم بداية من 1922.

تركت كوري إرثًا علميًا غنيًا، يتجسد في كتبها وأبحاثها الرائدة مثل:

  • “أبحاث حول المواد المشعة” (1904)
  • “النظائر والعناصر النظيرية”
  • “دراسة النشاط الإشعاعي” (1910)

نالت تقديرًا عالميًا لا نظير له، بحصولها على عشرات الجوائز والميداليات والشهادات الفخرية. وتقاسمت جائزة نوبل في الفيزياء عام 1903 مع زوجها وهنري بيكريل، ثم نالت وحدها جائزة نوبل في الكيمياء عام 1911 تقديرًا لإسهاماتها في دراسة النشاط الإشعاعي.

وفي عام 1921، كرمتها نساء أمريكا عبر الرئيس هاردينج بتقديم جرام من الراديوم، في بادرة رمزية تعبيرًا عن امتنان العالم لجهودها في خدمة البشرية والعلم.