عودة دير أبو مينا إلى قائمة التراث العالمي.. مصر تنتزع اعتراف اليونسكو
بعد معركة إنقاذ استثنائية ضد الغرق

توّجت مصر اليوم بانتصار حضاري وثقافي عالمي، بإعلان لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو رسميًا رفع موقع دير أبو مينا الأثري بمدينة برج العرب بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، ليعود إلى مكانته الأصيلة كموقع تراثي عالمي بعد إنقاذه من خطر الغرق بالمياه الجوفية.
يُعد هذا القرار تتويجًا لملحمة وطنية شاركت فيها كل أجهزة الدولة بقيادة وزارة السياحة والآثار، بالتعاون مع الكنيسة المصرية، ومحافظة الإسكندرية، ووزارات الري والزراعة والكهرباء والداخلية، في واحدة من أعقد عمليات الإنقاذ الأثري في العالم.
دير أبو مينا، أحد أهم محطات الحج المسيحي بعد القدس، أُدرج على قائمة التراث العالمي عام 1979، لكنه دخل دائرة الخطر في 2001 بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية الناتجة عن أنشطة استصلاح الأراضي والري بالغمر، مما هدد مكوناته الأثرية الفريدة كالبئر الذي يحوي قبر القديس مينا، الكنيسة الكبرى، وساحة الحجاج.
وفي عام 2019، أطلقت مصر أضخم مشروع في تاريخها الأثري لخفض منسوب المياه الجوفية في الموقع، بتكنولوجيا هندسية متطورة شملت إنشاء محطة طلمبات عملاقة، وشبكات صرف دقيقة، ونظام رصد دائم للمياه الجوفية.
تلاحم وطني ودولي
التنسيق الوطني كان ملحوظًا، فقد ساهمت الكنيسة في توفير عمالة يومية وظلل خشبية وخدمات أساسية، كما أزالت المحافظة التعديات على مساحة 1000 فدان حول الموقع، وقامت وزارة الزراعة برش المبيدات لمنع عودة الحشائش، بينما وفرت وزارة الكهرباء الإضاءة اللازمة، وأنجزت وزارة الداخلية اللوحات الإرشادية.
كما حظي الموقع بزيارات ميدانية رفيعة المستوى من البابا تواضروس الثاني، ومحافظ الإسكندرية، ووزير السياحة والآثار، ومسؤولي المجلس الأعلى للآثار، وممثلين من اليونسكو، الذين أشادوا بما وصفوه بـ”أكبر مشروع خفض مياه جوفية في موقع أثري بالعالم”.
وخلال الدورة الـ47 للجنة التراث العالمي المنعقدة في باريس، اعتمدت اللجنة قرار إزالة دير أبو مينا من قائمة التراث المعرض للخطر، بناءً على تقرير بعثة الرصد التفاعلي المشتركة بين مركز التراث العالمي و”ICOMOS”، التي أكدت نجاح مصر في تحقيق “حالة الصون المطلوبة” DSOCR بالكامل، بفضل منظومة خفض المياه الجوفية والترميمات الدقيقة للمكونات الأثرية.
وهنّأ الفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية الدولة المصرية بهذا الإنجاز الاستثنائي، مؤكدًا أن رفع الموقع من قائمة الخطر يُعد صفحة جديدة في كتاب الحضارة المصرية المعاصرة، ويبرهن على التزام الدولة بصون تراثها الثقافي والديني وفقًا لأرقى المعايير الدولية.
تعليقات 0