اجتمع ممثلو أكثر من ثلاثين دولة في العاصمة الكولومبية بوجوتا في مؤتمر طارئ امتد على مدار يومين، بدعوة مشتركة من كولومبيا وجنوب أفريقيا، ضمن إطار “مجموعة لاهاي”، وهي تحالف دولي يهدف إلى نصرة القضية الفلسطينية باستخدام أدوات القانون الدولي والمحاكم الدولية.

جاء هذا الاجتماع في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث ناقش المشاركون سبل وقف الإبادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وتعزيز آليات المساءلة الدولية.

دعوة موحدة لوقف إطلاق النار وتطبيق القانون الدولي

اتفقت الدول المشاركة بالإجماع على أن عصر الإفلات من العقاب يجب أن يُطوى إلى غير رجعة، وأن القانون الدولي يجب أن يُطبّق دون تمييز أو خوف، مع تأكيد أهمية اتخاذ خطوات قانونية وتشريعية فورية. وقد صدرت عن المؤتمر دعوة موحدة لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، باعتبار ذلك أولوية إنسانية وأخلاقية لا تحتمل التأجيل. وشدد المشاركون على أن الصمت الدولي لم يعد مبررًا أمام الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين.

دول تتعهد بقطع التواطؤ مع العدوان الإسرائيلي

أعلنت 12 دولة التزامها الفوري بتنفيذ سلسلة من التدابير التي أقرها المؤتمر، عبر أنظمتها القانونية والإدارية، لوقف أي شكل من أشكال التورط في الجرائم والانتهاكات الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وشملت قائمة هذه الدول بوليفيا وكولومبيا وكوبا وإندونيسيا والعراق وليبيا وماليزيا وناميبيا ونيكاراغوا وسلطنة عمان وسانت فينسنت والجرينادين وجنوب أفريقيا. وقد تعهّدت هذه الدول باتخاذ إجراءات حاسمة تعكس موقفًا واضحًا من العدوان، واستعدادًا لمواجهة التبعات القانونية والسياسية لمثل هذه المواقف.

تدابير عملية لوقف الجرائم الإسرائيلية

ركز البيان الختامي للمؤتمر على ستة تدابير مركزية يرى المشاركون أنها كفيلة بوقف الجرائم الجارية. شملت هذه الإجراءات منع تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات والوقود العسكري، ومنع مرور السفن المشبوهة أو تقديم أي خدمات لوجستية لها، إلى جانب مراقبة صارمة على السفن التي ترفع أعلام الدول المتعهدة، واتخاذ إجراءات حاسمة بحق أي خروقات محتملة مثل سحب الأعلام. كما شملت التدابير مراجعة العقود العامة الوطنية لمنع أي دعم غير مباشر للاحتلال، وتفعيل أدوات المحاسبة القضائية على المستويين الوطني والدولي، مع دعم الولاية القضائية العالمية لضمان العدالة لضحايا الجرائم الدولية في الأراضي الفلسطينية.

رسالة بوجوتا: العدالة لفلسطين مسؤولية دولة

اختُتم المؤتمر برسالة واضحة من المجتمعين مفادها أن العدالة في فلسطين لا يمكن أن تتحقق دون محاسبة عادلة للمسؤولين عن الجرائم المرتكبة. كما أكدوا أن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لا تكون فقط من خلال الإدانة اللفظية، بل عبر إجراءات ملموسة ومتصاعدة على المستويات القانونية والسياسية والاقتصادية، داعين العالم إلى كسر صمته، والانحياز إلى الضحايا لا إلى الجناة. جاءت بوجوتا اليوم لتعيد التأكيد على أن الحق لا يسقط بالتقادم، وأن القانون يجب أن يسمو فوق كل حسابات المصالح.