27 يوليو 2025 07:26
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

تحفة فرعونية نادرة في مدريد: صندوق جنائزي من دير المدينة

يكشف أسرار الحياة والموت في مصر القديمة

في قلب العاصمة الإسبانية مدريد، وتحديدًا داخل أروقة متحف الآثار القومي، تقف قطعة أثرية مصرية نادرة شاهدة على عبقرية الفنان المصري القديم ومعتقداته الراسخة في الحياة بعد الموت.

إنها صندوق أوشابتي الجنائزي، الذي يعود إلى الأسرة التاسعة عشرة من الدولة الحديثة، والذي كان مخصصًا لشخص يُدعى خعبخنت (Khabekhent)، أحد سكان دير المدينة، مجتمع الحرفيين الشهير في طيبة.

يتميّز الصندوق بهيكله المعماري الفريد، حيث يتخذ الغطاء شكلًا نصف دائري مزدوج، يُحاكي على الأرجح المقصورة المزدوجة لمصر السفلى، المعروفة بأقواسها المقببة وجدرانها المرتفعة.

لم يكن هذا التصميم اعتباطيًا، بل جاء محملاً بدلالات رمزية تتصل بالعقيدة الجنائزية المصرية القديمة، إذ يعكس فكرة الحماية والاستمرارية في الحياة الأخرى.

تحفة فرعونية نادرة في مدريد: صندوق جنائزي من دير المدينة - 1 - سيناء الإخبارية

الصندوق مزين بزخارف دقيقة، أهمها أبواب وهمية ملونة على ثلاث جوانب، ترمز لأبواب العبور إلى العالم الآخر، في حين تتصدر الواجهة الأمامية شخصيتان على هيئة مومياء، ترتديان لحية اصطناعية وباروكة ثلاثية الفصوص، تعلو رأسيهما مخاريط عطر، وتكسوهما عباءات ضيقة بزخارف هندسية دقيقة. يرافق هذا المشهد نص هيروغليفي جنائزي، يعزز من القدسية الرمزية للقطعة.

تكشف هذه التحفة الأثرية عن المكانة الاجتماعية والدينية الرفيعة التي كان يحظى بها خعبخنت داخل دير المدينة، ذلك المجتمع الذي ضم صفوة الفنانين والعمال الذين شيّدوا مقابر الملوك في وادي الملوك. ويجمع الصندوق بين عناصر الفن والدين والحياة اليومية، ما يجعله شاهدًا حقيقيًا على الرؤية المصرية القديمة لعالم ما بعد الموت.

يُعد عرض هذا الصندوق الجنائزي في متحف مدريد فرصة ثمينة لعشّاق الحضارة المصرية والمهتمين بالتراث الإنساني، لما يحمله من تفاصيل فنية دقيقة ورموز دينية غزيرة، تعكس فلسفة المصريين القدماء حول الموت والخلود.