في يومه العالمي.. أحمر الشفاه من طقس ملكي إلى رمز للأنوثة

في اليوم العالمي لأحمر الشفاه، تحتفل نساء العالم بأحد أكثر رموز الجمال والأنوثة شهرة، ألا وهو أحمر الشفاه. هذا المستحضر الذي لا يكتمل المكياج بدونه، صار أكثر من مجرد لون على الشفاه، بل تعبير عن الهوية والثقة، ورفيق دائم في حقائب النساء بمختلف أعمارهن وثقافاتهن. تتعدد ألوانه وأشكاله بتعدد المناسبات والأمزجة، لكنه يظل حاضرًا في كل لحظة أنثوية.
كيف بدأ الاحتفال باليوم العالمي لأحمر الشفاه؟
رغم أن أصل هذا الاحتفال غير معروف بدقة، فقد ظل يتكرر على مدى عقدين، لكن في عام 2016، أُشير إلى خبيرة التجميل وسيدة الأعمال العالمية هدى قطان باعتبارها المؤسسة الفعلية لليوم الوطني لأحمر الشفاه، الذي يُصادف 29 يوليو من كل عام، حسب تقرير لشبكة “سي إن إن”.
من معابد سومر إلى شوارع العالم
لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن تاريخ أحمر الشفاه يعود إلى آلاف السنين، حين كان رمزًا للقوة والمكانة الاجتماعية، وليس مجرد لمسة جمالية.
ووفقًا لموقع Amazingy المختص بمستحضرات التجميل، فإن أول استخدام موثّق لأحمر الشفاه يعود إلى الملكة السومرية “سكوب عاد” في مدينة أور، قبل نحو 3500 عام من الميلاد. كان تلوين الشفاه آنذاك جزءًا من الطقوس الدينية والثقافة الملكية، وقد وُجدت عبوات “معجون الذهب” في مدافن ملوك بلاد ما بين النهرين، وتنوّعت أسماؤها بين السومرية والأكادية.
وانتقلت العادة إلى حضارات مجاورة مثل السوريين والبابليين والفرس، كما تؤكد الشواهد الأثرية في بلاد فارس، حيث عُثر على أقنعة ومنحوتات تظهر الشفاه المصبوغة بالأحمر.
الريادة المصرية في عالم الجمال
في مصر القديمة، كان أحمر الشفاه جزءًا من منظومة متكاملة للجمال شملت الكحل والعطور. ورغم غياب دليل قاطع على ما إذا كانت الفكرة مستوردة من الشرق، إلا أن المصريين طوروا استخدامهم له ليصبح علامة ثقافية وجمالية لا تخطئها العين.
تنوّعت ألوان أحمر الشفاه في مصر بين الأحمر والبرتقالي والأرجواني، وصولًا إلى درجات زرقاء قاتمة. وكان يُستخدم بأدوات خاصة، غالبًا ما تكون عصيًا خشبية مبلّلة، واستُخدم في المناسبات، والمواكب، وحتى المعتقدات المرتبطة بالحياة الأخرى.
رحلة عالمية عبر التاريخ
لم تقتصر شعبية تلوين الشفاه على وادي النيل أو الرافدين، بل وصلت إلى حضارات بحر إيجة في الفترة بين 1700 و1400 قبل الميلاد، حيث كان المينويون يستخدمونه ضمن طقوسهم. كما وُجد في مدافن الأتروسكان في إيطاليا، حيث عُثر على أحمر شفاه عمره أكثر من 2500 عام.
من هناك، انتقل عبر طرق التجارة إلى آسيا، فوصل إلى الصين واليابان، ليستخدم في الاحتفالات والمناسبات الإمبراطورية، وتحوّل لاحقًا إلى جزء من التقاليد المحلية لتزيين العرائس والممثلات في المسرح الكلاسيكي.
من رمز سلطة إلى رمز أنوثة
هكذا، تحوّل أحمر الشفاه من طقس ملكي وشعائري إلى عنصر أساسي في حياة النساء المعاصرات، ومن معجون مستخرج من الفواكه في يد ملكة سومر إلى آلاف الدرجات التي تطلقها أشهر العلامات التجارية في العالم.
في كل عبوة منه، تتوارث النساء قصة حضارات وملكات وفنانات وعصور من التعبير عن الذات والجمال. ومع كل استخدام، يُعاد إحياء تلك السلسلة الطويلة من المعاني، التي لم تكن يومًا سطحية أو مؤقتة، بل متجذرة في التاريخ.
تعليقات 0