سباق الاستخبارات نحو الذكاء الاصطناعي: أميركا تقود.. والصين تُفاجئ.. وأوروبا تلاحق

بينما تتسارع وكالات الاستخبارات العالمية لاختبار إمكانات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي يظهر سباق محموم بين الولايات المتحدة والصين في حقل بات يوصف بالحاسم في معادلة الأمن القومي ففي يوم تنصيب ترامب رئيساً فاجأت شركة صينية تُدعى DeepSeek الجميع بإطلاق نموذج لغوي حاز على اعتراف عالمي وهو ما اعتبره ترامب جرس إنذار بينما أقرّ السيناتور مارك وارنر بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي فوجئ تماماً
إدارة بايدن سارعت إلى إطلاق خطة لتعزيز التعاون مع مختبرات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI وGoogle وAnthropic فيما منح البنتاغون عقوداً بقيمة 200 مليون دولار لشركات بينها xAI التابعة لإيلون ماسك لتطوير نماذج تُعرف بـ«الوكيل الذكي» قادرة على تحليل وتنفيذ المهمات المعقدة والتعامل مع الأجهزة والأنظمة المختلفة
مايكروسوفت أعلنت أن 26 من خدماتها السحابية باتت معتمدة للاستخدام الأمني الأميركي فيما كشفت شركة Anthropic عن نموذج مخصص للحكومة الأميركية تحت اسم Claude Gov وهو الآن قيد الاستخدام في وكالات أمنية عليا أما هذه النماذج فلا تُستخدم كما هي بل تُعدّل لتناسب البيئات المغلقة ولغات الحكومات وتُدرب داخلياً على بيانات حساسة
وفي أوروبا تُظهر المملكة المتحدة تقدماً نوعياً من خلال نماذج خاصة تتعامل مع معلومات شديدة السرية بينما تتصدر شركة Mistral الفرنسية المشهد بشراكتها مع وزارة الدفاع الفرنسية ونموذجها Saba القادر على التعامل مع لغات إقليمية متعددة كما تكشف التقارير عن استخدام الجيش الإسرائيلي المتزايد لنموذج GPT-4 في ظل حرب غزة بزيادة بلغت 20 ضعفاً
رغم هذا الزخم تشير أصوات بارزة إلى بطء في تبني الذكاء الاصطناعي فعلياً داخل المؤسسات الأمنية إذ ترى كاترينا موليجان أن الاستخدام لا يزال دون الطموح بينما يشير خبراء إلى أن التحول الحقيقي يكمن في إعادة هيكلة المهام لا الاعتماد على واجهات دردشة ذكية فقط
مخاوف أخرى تحوم حول موثوقية ما يُعرف بـ«الوكيل الذكي» إذ يحذر خبراء من أخطاء تراكمية قد تنجم عن الآليات الذاتية للنماذج وقد أظهر تقييم لشركة OpenAI أن نموذج ChatGPT Agent يُعاني من معدل هلوسة يصل إلى 8 في المائة ما دفع وكالات المملكة المتحدة إلى التركيز على تقنيات RAG التي تقلص الخطأ من خلال استرجاع المعلومات
وتواصل الصين التقدم بخطى سريعة وتثير قلق الخبراء إذ أن قلة المعلومات عن مدى استخدام نماذج مثل DeepSeek في الأوساط العسكرية الصينية تزيد الغموض بينما تشير تقديرات إلى أن غياب الضوابط التنظيمية قد يمنح بكين أفضلية في سرعة التبني وهو ما دفع إدارة ترامب إلى إصدار توجيهات عاجلة لتقييم الفجوة وتحديث الاستراتيجية الأميركية
ويُجمع المراقبون على أن التأخر في التبني قد يكون أكثر فتكاً من التأخر في التطوير إذ يقول السيناتور وارنر إن واشنطن لم تكن فعالة بما يكفي في متابعة تقدم الصين فيما تحذر موليجان من أن الخطر الحقيقي لا يكمن في الفشل بالتطوير بل في خسارة سباق الاستخدام
تعليقات 0