11 أغسطس 2025 19:23
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

رحيل أيقونة المسرح التونسي الفاضل الجزيري… نصف قرن من الإبداع

ودّعت تونس صباح اليوم الاثنين أحد أعمدتها الفنية والثقافية، المخرج والمبدع الكبير الفاضل الجزيري، الذي انطفأ عن عمر 77 عامًا بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا وراءه إرثًا استثنائيًا تجاوز خمسة عقود من الابتكار والتجديد في المسرح والسينما والموسيقى.

وُلد الجزيري عام 1948 في قلب العاصمة التونسية، بين أرفف الكتب في مكتبة والده بمقهى رمسيس ونزل الزيتونة في باب سويقة، حيث كان يلتقي كبار الأدباء والفنانين، فتشرّب منذ نعومة أظافره روح الفن والكلمة.

درس في المدرسة الصادقية وانخرط في الفرقة الدرامية المدرسية، إلى جانب أسماء صارت لاحقًا من رموز الثقافة التونسية مثل عبد الرؤوف الباسطي ورؤوف بن عمر، وتعلّم على يد رواد الفن والأدب كزبير التركي ومحسن بن عبد الله وأحمد لَرْبي.

عرف عنه نشاطه الطلابي والسياسي، ومشاركته في أحداث 1968، قبل أن يشد الرحال إلى لندن لصقل موهبته الفنية، ثم يعود ليؤسس مع الفاضل الجعايبي مسرح تونس الجديد بعد تجربة ثرية في مسرح الجنوب بقفصة، ليقدما أعمالًا مسرحية خالدة مثل العرس وغسّالة النوادر وعرب والكريطة.

امتد تأثيره إلى السينما من خلال التمثيل في أفلام عالمية ومحلية، وإخراجه لفيلم ثلاثون (2007)، فضلًا عن بصماته البارزة في المسرح الموسيقي بعروض أيقونية مثل النوبة (1991) والحضرة (1992 و2010)، التي جابت المهرجانات وحفرت في ذاكرة الجمهور.

وفي السنوات الأخيرة، أبدع في عروض متجددة أبرزها الحضرة 2، وافتتح بـالمحفل مهرجان قرطاج الدولي صيف 2023، وصولًا إلى عرضه الأخير جرانتي العزيزة، الذي قدّمه بكل شغف قبل يوم واحد فقط من رحيله على ركح مهرجان الحمامات الدولي، وكأنه يودّع جمهوره من قلب المسرح الذي عاش له.

برحيل الفاضل الجزيري، تخسر تونس والعالم العربي أحد فرسان الخشبة الكبار، ويبقى إرثه شاهدًا على أن الفن الصادق لا يموت.