صمت البيت الأبيض أمام مجاعة غزة يثير غضب الحلفاء ويعمق عزلة إسرائيل

في الوقت الذي تتزايد فيه إدانات المجتمع الدولي لسياسة إسرائيل القائمة على تجويع سكان غزة، يلتزم البيت الأبيض الصمت، متجاهلاً تقريراً أممياً رسمياً أعلن دخول القطاع في مرحلة المجاعة ، وبينما ترتفع أصوات الغضب من عواصم أوروبية رئيسية، تواصل إدارة الرئيس دونالد ترامب الوقوف على الحياد، الأمر الذي يثير تساؤلات حول حدود الدعم الأمريكي غير المشروط لتل أبيب، ومسؤولية واشنطن عن استمرار الكارثة الإنسانية.
أظهرت ردود الفعل الدولية انقساماً واضحاً عقب صدور تقرير لجنة خبراء الأمن الغذائي المدعومة من الأمم المتحدة، الذي أكد أن أجزاء من مدينة غزة والمناطق المحيطة بها دخلت فعلياً في مرحلة المجاعة.
ففي حين سارعت دول أوروبية عديدة، منها بريطانيا وفرنسا، إلى إدانة ما وصفته بـ”الفضيحة الأخلاقية”، فضلت الولايات المتحدة التزام الصمت، مكتفية بمراقبة المشهد دون أي ضغط على إسرائيل.
السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، تبنى خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهاجم التقرير عبر منصة “إكس”، مدعياً أن حركة حماس هي المسؤولة عن الجوع في غزة، قائلاً: “دخلت أطنان من الطعام إلى القطاع، لكن مسلحي حماس استولوا عليها وأكلوا كميات كبيرة منها”.
ويرى محللون سياسيون تحدثوا لصحيفة “نيويورك تايمز” أن غياب الضغط الأمريكي يمنح نتنياهو حرية أكبر في مواصلة حربه الممتدة منذ نحو عامين، دون أي عواقب تفرضها واشنطن. وأشار الدبلوماسي الأمريكي السابق آرون ديفيد ميلر إلى أن نتنياهو “يبدو مرتاحاً لعدم وجود أي تكلفة حقيقية تفرض من جانب ترامب”.
التقرير الأممي حمل القيود الإسرائيلية المشددة على إدخال المساعدات مسؤولية تدهور الوضع، محذراً من أن وسط وجنوب غزة قد يواجهان مجاعة بحلول سبتمبر.
ورغم ذلك، نفت إسرائيل اتهامات “التجويع المتعمد”، مؤكدة أنها تبذل جهوداً لإيصال الغذاء عبر مبادرات مشتركة مع واشنطن، والتي تعرضت لانتقادات واسعة بعد مقتل مئات المدنيين عند نقاط توزيع المساعدات.
في المقابل، صرح وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بأن “رفض الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الكافية تسبب في هذه الكارثة التي صنعها الإنسان”، واصفاً الأمر بأنه “انتهاك صريح للقيم الإنسانية”.
وبينما ركز ترامب خلال الأسابيع الماضية على ملف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تجاهل إلى حد كبير الأزمة في غزة ،غير أنه لم يتردد في إعلان دعمه الكامل لأي عملية عسكرية إسرائيلية تهدف إلى “سحق حماس”، مؤكداً أن تدمير الحركة هو الطريق الوحيد لضمان عودة الرهائن الإسرائيليين.
تزامناً مع هذه التطورات، أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لمشروع الاستيطان المعروف باسم “E1″، والذي يشمل بناء 3400 وحدة سكنية في الضفة الغربية، رغم اعتراضات دولية واسعة.
القرار أثار موجة إدانة جديدة من فرنسا وأستراليا وأكثر من اثنتي عشرة دولة، غير أن إدارة ترامب اكتفت بالصمت، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إضافية على تراجع واشنطن عن ممارسة أي ضغوط جدية على إسرائيل.
تعليقات 0