«فن الحياة».. أندريه موروا يتأمل الشيخوخة بعيون الأدباء

يطرح كتاب «فن الحياة» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بترجمة يوسف مظهر رؤية مختلفة للكاتب الفرنسي أندريه موروا، إذ يتناول قضايا إنسانية مثل الحب والزواج والصداقة، لكنه يمنح الشيخوخة المساحة الأكبر ليكشف أسرارها من خلال تجارب كبار الأدباء في الغرب.
يصف موروا (1885 – 1967) الشيخوخة بأنها تجربة غريبة، يصعب على الإنسان أن يصدق أنها ستلحق به كما لحقت بغيره، حتى تأتي لحظة مفاجئة، كتلك التي صورها بروست في «البحث عن الزمن المفقود» حين واجه أبطال الرواية وجوهاً عرفوها في مراهقتهم بعد عقود وقد غيرها الزمن.
ويشبّه الكاتب مسار التقدم في العمر بتعاقب الفصول، حيث تتغير ملامح الجسد ببطء لا ندركه، حتى تأتي عاصفة المرض لتسقط الأقنعة وتكشف الضعف الكامن. فكما أن الأشجار تحتفظ بأوراقها الجافة حتى تهب الرياح فتسقطها، كذلك يبدو الشباب على بعض الوجوه إلى أن يقتلع المرض وهم القوة.
ويستشهد موروا بما كتبه روديار كبلنج عن الذئب الهرم الذي يفقد مكانته بين القطيع حين يعجز عن الصيد، ليفتك به صغار الذئاب. ويربط ذلك بما فعلته بعض الشعوب البدائية التي كانت تختبر قوة شيوخها بوسائل قاسية، كرفعهم على أشجار جوز الهند وهزها بعنف ليقرروا مصيرهم بالسقوط أو النجاة.
ويرى موروا أن المجتمعات الحديثة لا تختلف كثيراً، إذ يُحكم على السياسي أو الممثل أو الأستاذ بـ«النهاية» بمجرد إخفاق في محاضرة أو مشهد، ليجد نفسه معزولاً بين اليأس والبؤس. ويشبّه الجسد في تلك المرحلة بمحرك متعب، يمكن إصلاحه والعناية به ليستمر، لكنه لن يعود إلى سابق عهده.
ورغم ذلك، لا يغفل موروا نماذج لامعة ظلت مبدعة في شيخوختها، مثل فولتير الذي كتب «كانديد» في الخامسة والستين، وفيكتور هوغو الذي واصل نظم الشعر حتى أواخر عمره، وغوته الذي أكمل الجزء الثاني من «فاوست»، وفاجنر الذي أنهى «بارسيفال» في التاسعة والستين، وبول كلوديل الذي أنجز «إعلان البشرى لمريم» في الحادية والسبعين
تعليقات 0