23 سبتمبر 2025 09:44
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

خفض الفائدة الأميركية ينعش الجنيه المصري ويفتح آفاق جديدة للاستثمار

في قرار يحمل دلالات اقتصادية عميقة، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025 خفضا في سعر الفائدة قدره ربع النقطة المئوية ليصبح نطاق الفائدة بين 4% و4.25%، ما يعكس تباطؤا ملحوظا في النمو الأميركي واستمرار تضخم أعلى من الهدف.

هذه الخطوة تمثل إشارة قوية إلى تحولات محتملة في حركة رؤوس الأموال وأسواق الصرف العالمية، الأمر الذي يضع الاقتصاد المصري أمام فرص وتحديات متداخلة تستوجب إدارة دقيقة من البنك المركزي وصناع القرار.

يشكل قرار الفيدرالي مؤشرا مهما بالنسبة للاقتصاد المصري، فالحالة المعيارية تشير إلى أن ضعف الدولار قد يمنح الجنيه المصري مجالا للارتداد، خاصة مع استقطاب عوائد الاستثمار في أذون الخزانة والسندات الحكومية المصرية العالية نسبيا.

في الأشهر الأخيرة قام البنك المركزي المصري بتسيير السياسات النقدية؛ فقد خفض في أغسطس 2025 أسعار الفائدة بمعدل 200 نقطة أساس من 24% إلى 22% للإيداع، تزامنا مع تسجيل التضخم تراجعا إلى نحو 13.9% في يوليو تموز بعدما بلغ 14.9% في يونيو حزيران.

وقد أسهمت الفجوة التي قاربت 22 نقطة مئوية في مارس 2024 في جعل السوق المصرية من أبرز وجهات تجارة العائد (Carry Trade) عالميا، وهو ما ساعد جزئيا في جذب تدفقات الأموال الساخنة إلى أدوات الدين المحلية.

منحت هذه المعطيات المركزي المزيد من المساحة للخفض التدريجي، ويتوقع المحللون أن يخفض الفائدة بمعدل إضافي لا يقل عن 50-100 نقطة أساس على مدى الأشهر المقبلة.

في هذا الإطار، قد يترجم الخفض الأميركي مؤقتا إلى ضغوط أقل على صرف الدولار مقابل الجنيه، وترتفع أدوات الدين المصرية بالجنيه طلبا من المستثمرين الأجانب بفعل فرق العائد الكبير مع سندات الخزانة الأميركية.

فقد بلغ عائد أذون الخزانة المصرية لأجل عام نحو 26% مقابل أقل من 5% في الولايات المتحدة، ما يشير إلى أن الجنيه قد يحظى بدعم ظرفي أمام الدولار.

مع ذلك، فإن مثل هذه التدفقات الرأسمالية «السريعة» تحافظ على هشاشة الجو الكلي، فكما يشير بعض المحللين، فإن الأموال الساخنة تغادر الأسواق بسرعة حال أي اضطراب في الجنيه أو زيادة في التضخم.

ولهذا السبب يؤكد البنك المركزي ضرورة حفظ استقرار سعر الصرف وتعزيز الاحتياطيات لضمان استمرار جذب هذه التدفقات دون مخاطر فائقة.

ومن الجوانب المتصلة بذلك، فإن المؤشرات على صعيد الاحتياطي الأجنبي مطمئنة، ففي أغسطس آب 2025 ارتفع صافي الاحتياطي الأجنبي في مصر إلى مستوى قياسي جديد بلغ 49.25 مليار دولار، مقابل 49.04 مليار في يوليو تموز.

يوفر هذا النمو السريع هامش أمان إضافي لدعم الواردات وتمويل الاحتياجات الأساسية، أما العجز في الحساب الجاري فقد تقلص إلى نحو 5.4% من الناتج المحلي في نهاية السنة المالية الماضية، مدفوعا أساسا بانتعاش قطاع السياحة وتضخم كبير في التحويلات الشخصية.

وتبعا لذلك، يرى بعض الاقتصاديين أن تواتر تدفقات الدخل الأجنبي وإدارة الإنفاق قد يوفران فرصة لخفض العجز بدلا من الضغط الإضافي على الاحتياطيات.

في ظل هذه المعطيات، يواجه الجنيه المصري سيناريوهات متعددة، فمن ناحية، يؤدي ضعف الدولار وضخ السيولة عالميا إلى فرص فورية لتعزيز مركز الجنيه لدى المستثمرين، وقد ينعكس ذلك على السوق الرسمية ومعدلات العرض.

إلا أن البنك المركزي قد يحافظ على هامش ضيق من المرونة في سعر الصرف خوفا من تقلبات مفاجئة، وتظل أي قفزة في الدولار احتمالية قائمة إن شكلت هبوطا مفاجئا في توقعات النمو العالمي أو تراجع في حوافز الاستثمار الأجنبي.