24 سبتمبر 2025 05:17
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

الاعتراف الدولي بفلسطين… خطوة رمزية تبحث عن جدوى على الأرض

تعيش الساحة الدولية منذ أيام على وقع موجة متصاعدة من الاعترافات بدولة فلسطين، إذ تخطى عدد الدول الداعمة 150 من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة، في ما يُنظر إليه كتحول دبلوماسي تاريخي يستهدف التصدي لسياسات حكومة بنيامين نتنياهو، التي تعد الأكثر تشدداً في تاريخ إسرائيل.

ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الخطوة لا تتجاوز الطابع الرمزي، ما دامت الحرب مستعرة في غزة والمستوطنات تتوسع في الضفة الغربية، وسط رفض إسرائيلي واضح لأي نقاش حول الدولة الفلسطينية.

ورغم أن هذه الاعترافات جاءت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فإن القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ما زالت تعارض الاعتراف، معتبرة إياه “مكافأة لحماس”، على حد تعبير الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وبينما يتبنى الاتحاد الأوروبي رسمياً مبدأ “حل الدولتين”، فإن دوله ليست على موقف واحد؛ ففرنسا وإسبانيا والنرويج تعترف بفلسطين، فيما ترفض ألمانيا وإيطاليا اللحاق بالركب. وفي ظل هذا التباين، تظل أي إمكانية لاعتراف أممي كامل رهينة الفيتو الأميركي.

على المستوى القانوني، يستند الاعتراف إلى معايير حددها اتفاق مونتيفيديو لعام 1933، مثل وجود شعب دائم وأرض محددة وحكومة وسلطة لعقد المعاهدات.

لكن بالنسبة إلى فلسطين، فإن ما تحقق حتى الآن لا يتعدى حدود الدعم السياسي والأخلاقي. مصطفى البرغوثي، زعيم المبادرة الوطنية الفلسطينية، اعتبر الاعتراف في مقال بصحيفة “نيويورك تايمز” إنجازاً معنوياً، لكنه “إلهاء عن غياب خطوات عملية لوقف الحرب والجوع والنزوح في غزة”، داعياً إلى إجراءات ملموسة تشمل فرض عقوبات على إسرائيل ووقف تسليحها.

المواقف الأوروبية بدت منقسمة أيضاً؛ فبينما رأى بيير فيمون من “كارنيغي أوروبا” أن الاعتراف لا يتجاوز الرمزية، وصف بول تايلور من “مركز السياسات الأوروبية” الخطوة بأنها “فارغة” مقارنة بإجراءات أكثر جدوى، مثل المشاركة في إعادة إعمار غزة أو تقديم الدعم الإداري للفلسطينيين. في المقابل، اعتبرت الباحثة جولي نورمان من جامعة لندن أن الاعتراف “التزام أخلاقي وموقف قوي” قد يساهم مستقبلاً في تعزيز موقع الفلسطينيين على طاولة المفاوضات، حتى إن لم يغير الواقع فوراً.

ويرى دبلوماسيون أن للاعتراف أثراً عملياً محدوداً، مثل تمكين فلسطين من إبرام المعاهدات أو اعتماد بعثاتها كسفارات رسمية، وهو ما يجعل الخطوة بمثابة رسالة سياسية بالدرجة الأولى، مدفوعة خصوصاً من فرنسا والسعودية لإحياء فكرة “حل الدولتين”.

ومع ذلك، يؤكد مراقبون أن الحرب المستمرة منذ نحو عامين في غزة، إلى جانب توسع المستوطنات وتراجع الثقة في السلطة الفلسطينية، جعلت هذا الحل أبعد من أي وقت مضى.

وبينما يصف بعض المفكرين مثل روبرت مالي وحسين آغا “حل الدولتين” بأنه مجرد شعار مستهلك استُخدم لعقود لتفادي الحلول الحقيقية، يذهب آخرون إلى اعتباره ستاراً دبلوماسياً لم يعد يعكس واقع ما بعد السابع من أكتوبر 2023. وبين التفاؤل الرمزي والتشاؤم الواقعي، يبقى الاعتراف الدولي بفلسطين خطوة ذات صدى معنوي، لكنها لا تكفي وحدها لوقف نزيف الدم أو رسم ملامح الدولة المنشودة.