24 سبتمبر 2025 13:49
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

الحرب مع مصر في ميزان الإعلام العبري ..و مخاوف إسرائيلية من التحركات العسكرية في سيناء

لم تعد سيناء مجرد حدود هادئة لإسرائيل، بل تحولت في الأسابيع الأخيرة إلى محور سجال واسع داخل الإعلام الإسرائيلي، خاصة المقرب من اليمين المتطرف، الذي يواصل بث روايات عن احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مع مصر، للمرة الأولى منذ نصف قرن.

تقارير وتحليلات متلاحقة تحذر من “الخطر المصري القادم” على خلفية تعزيزات الجيش المصري في سيناء، وخطاب سياسي مصري وصف إسرائيل علنا ب”العدو”، لتتدفق التصريحات من مسؤولين وضباط إسرائيليين سابقين عن سيناريوهات حرب، في وقت يتساءل فيه مراقبون: هل هذه مؤشرات على مواجهة وشيكة أم مجرد حملة تحريضية تخدم أهدافا سياسية داخلية؟

بات احتمال اندلاع حرب بين إسرائيل ومصر حديث وسائل إعلام إسرائيلية، خاصة تلك المعروفة بدعمها لليمين المتطرف وسياسة بنيامين نتنياهو، التي صعدت مؤخرا من حملتها على القاهرة، خصوصا في ظل التحركات الميدانية العسكرية الأخيرة لمصر على الحدود في سيناء، والتصريحات الأخيرة للمسؤولين المصريين التي وصلت إلى حد وصف إسرائيل ب”العدو”.

وزعمت تقارير إعلامية إسرائيلية أن هذه التطورات الأخيرة تفسح المجال للتكهن بإمكانية تطور الموقف العملياتي إلى مواجهة مسلحة حقيقية بين إسرائيل ومصر، قد تكون الأولى منذ خمسين عاما، في حال عجز البلدين عن إيجاد حلول عاجلة أو تسويات للإشكاليات العالقة بينهما، لا سيما تلك المتعلقة بتبعات حرب الإبادة الإسرائيلية الدائرة في قطاع غزة.

من خلال هذا التقرير سنرصد كيف يروج ضباط ومسؤولون سابقون لنظرية التهديد القادم من مصر، عبر تصريحاتهم لمواقع وقنوات إخبارية إسرائيلية، وكيف يتسبب ذلك في تهييج الداخل الإسرائيلي، وهل فعلا يمكن الحديث عن تهديد عسكري مصري محتمل لإسرائيل، أم أن لهذا التجييش أهدافا أخرى؟

تضخيم إسرائيلي للتعزيزات العسكرية المصرية في سيناء
شهدت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة ما يشبه “ضخا” مكثفا للأخبار المتعلقة بمواصلة مصر إرسال قواتها إلى سيناء، ظاهريا لمنع فلسطينيي غزة من العبور إلى أراضيها، لكن بعض الإسرائيليين يحذرون من مفاجأة أخرى قادمة من الحدود الجنوبية.

وقدم نتنياهو لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، خلال لقائهما في القدس المحتلة، قائمة بما زعم أنها أنشطة مصر في سيناء، وطلب من إدارة ترامب الضغط على القاهرة لتقليص حشدها العسكري فيها، عقب فشل المحادثات المباشرة مع المصريين في إحراز أي تقدم، وفقا للصحفي باراك رافيد.

واتهم السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، مصر بارتكاب انتهاكات خطيرة لاتفاقية السلام، بزعم إقامة قواعد عسكرية في سيناء تستخدم للعمليات القتالية، ونقل الجيش المصري للأسلحة الهجومية.

وتساءل لايتر عن مدى الاستعداد للحرب معها، وإذا استؤنف القتال في قطاعات أخرى، فهل ستبقى الجبهة المصرية هادئة، بعد أن علمنا السابع من أكتوبر أن نواصل طرح الأسئلة مرارا وتكرارا، كما أوردته صحيفة “إسرائيل اليوم”.

أما عميحاي شيلو، مراسل موقع “الصوت اليهودي”، فطرح سؤالا صادما نصه: هل نحن على شفا حرب مع مصر، رغم حديث الجميع عن عدم رغبتهما في خوضها؟ لكن المصريين يستعدون في سيناء، وتتزايد أحاديثهم عنها، بمن فيهم كبار مسؤوليها.

وأضاف شيلو أنه رغم أن خريطة مصالحهم لا تشمل الحرب مع إسرائيل، إلا أنه يستحيل تجاهل التقييمات المتزايدة للمصريين على الحدود، في ظل تنامي دخول قواتهم الكبيرة إلى سيناء، بزعم منع سكان غزة من العبور إليها، وهو أمر يخشاه الإسرائيليون بشدة.

ودعا إيريز فينر، مسؤول فريق التخطيط العملياتي في القيادة الجنوبية للجيش ومساعد رئيس الأركان الأسبق غابي أشكنازي، في مقابلة مع القناة 12، إلى استخدام أدوات الضغط على مصر لتخفيف قواتها المنتشرة في سيناء، وإلا فإن “الشر قد يتطور من الجنوب”.

وبحسب فينر، فإن المصريين يسلحون أنفسهم ويتجهزون باستمرار، وتهديدهم الرئيسي هو إسرائيل، وسيناء مليئة وتفيض بأنظمة الأسلحة المتقدمة، بما يتجاوز بكثير ما هو مسموح به، والآن لدى إسرائيل فرصة وهي اتفاقية الغاز مع مصر التي تعد رافعة لتطبيق الاتفاقية و”تصحيح التجاوزات”.

كما زعم مسؤولان إسرائيليان أن المصريين ينشئون بنية تحتية عسكرية يمكن استخدام بعضها لأغراض هجومية، في مناطق يسمح لهم فيها بحمل أسلحة خفيفة فقط، وبالتالي فما يفعلونه في سيناء خطير للغاية، ونحن قلقون جدا، وفقا لما نقله أريئيل كهانا محرر الشؤون السياسية بصحيفة “إسرائيل اليوم”.

وقدر أريئيل كهانا أن “مصر ليست في حالة “سلام بارد” مع إسرائيل، بل في “حرب باردة”، وما دامت لم تغير مسارها، فيجب أن نستعد للوضع الجديد”.

قدرات الجيش المصري وتخوف من اقترابه أكثر من الحدود

كشف يوني بن مناحيم، المستشرق والضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”، في مقال على منصة “إيبوتش”، أن التوترات بين إسرائيل ومصر منذ اندلاع حرب غزة وصلت إلى مستوى جديد، لا سيما بعد تقليص قطر مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب، والاكتفاء بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو أدنى مستوى للعلاقات منذ بداية الحرب.

وأوضح مناحيم أن تراجع الاتصالات بين القاهرة وتل أبيب دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوات لنقل المعلومات الأساسية بين الطرفين، ما يثير قلقًا كبيرًا لدى المستوى السياسي الإسرائيلي، في ظل القناعة بأن لمصر مصلحة في إضعاف إسرائيل عسكريًا وسياسيًا.

وأشار مناحيم إلى أن التحركات العسكرية المصرية في سيناء، بما في ذلك توسعة المطارات العسكرية، وبناء المخابئ والحواجز المضادة للدبابات، وإنشاء مستودعات للذخيرة والوقود، وحفر سبعة أنفاق تحت قناة السويس، تشير إلى حشد عسكري مستمر في المنطقة، يفوق أربعة أضعاف الحدود المسموح بها بموجب اتفاقية السلام.

وفي السياق نفسه، قدم يارون بوسكيلا، المدير العام لحركة “الأمنيين”، التي تضم مئات كبار الضباط والمتقاعدين من الجيش والشرطة والموساد والشاباك، إحاطة أمنية في الكنيست حول التحركات المصرية، مؤكدًا أن نقل القوات وإنشاء البنية التحتية العسكرية وتصعيد الخطاب السياسي كلها مؤشرات تستوجب نقاشًا استراتيجيًا وإعداد خطط طوارئ.

كما حذر المستشرق إيدي كوهين، في مقابلة مع القناة 14، من أن الجيش المصري يمتلك اليوم أسلحة حديثة وطائرات مقاتلة ودبابات وتكنولوجيا متطورة، مما يضع تساؤلات حول إمكانية فتح جبهة عسكرية مفاجئة مع إسرائيل، رغم أن مصر لا تمتلك حاليًا رغبة مباشرة في النزاع، إلا أن الواقع المتقلب في الشرق الأوسط يجعل كل شيء قابلًا للتغيير.

إيلي ديكل، الرئيس السابق لفرع الأهداف في جهاز “أمان”، أكد أن الجنود المصريين أصبحوا على بُعد أمتار من الحدود، مشيرًا إلى أن مصر تستعد وفق استراتيجية طويلة الأمد لتقليص قدرات إسرائيل في حال تغير ميزان القوى، دون الإعلان صراحة عن الانسحاب من اتفاقية السلام.

وتشير التقارير الإعلامية الإسرائيلية إلى تصاعد خطاب التحريض على مصر، مع بث مقاطع فيديو تظهر تعزيزات عسكرية، وتسجيلات لتدريبات تستهدف مواقع إسرائيلية، ما أثار مخاوف الجمهور الإسرائيلي وأشعل الخوف والذعر بينهم، لا سيما بعد الصدمة التي خلفتها أحداث السابع من أكتوبر.

ورصدت وسائل إعلام محلية ومواقع إلكترونية، بما فيها منظمة “تورات لهيما” ومؤسسة “كيكيوني” وموقع “ميدا” والقناة 14، حملة متكاملة تهدف إلى تصوير مصر كتهديد وشيك لإسرائيل، عبر استضافة ضباط وجنرالات متقاعدين وفتح نقاشات مستمرة حول سيناريوهات الحرب المحتملة، ضمن ما يُعرف إعلاميًا بـ”المصريون على الأسوار”.