القبة الحديدية تتهاوى أمام صواريخ الحوثي.. إيلات تحت النار وإسرائيل أمام تهديد وجودي

في عملية وُصفت بالأكثر جرأة منذ اندلاع الحرب على غزة، اخترقت جماعة الحوثي في اليمن عمق الأراضي المحتلة، لتضرب قلب مدينة إيلات السياحية جنوبي إسرائيل بطائرة مسيّرة قطعت مسافة تزيد عن 2000 كيلومتر، لتسجل فشلاً مدويًا لمنظومة القبة الحديدية التي طالما روّجت لها تل أبيب كدرعها الحصين.
الضربة التي بثّت الرعب في الشارع الإسرائيلي خلّفت 27 مصابًا بينهم حالتان حرجة، وفق ما أكدت هيئة الإسعاف “نجمة داوود الحمراء”. أما المشهد على الأرض فكان صادماً؛ آلاف المستوطنين يهرولون نحو الملاجئ في اندفاع لم يسبق له مثيل، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى خشية تكرار السيناريو القاتل.
العملية لم تكن منعزلة؛ فهي امتداد لسلسلة هجمات متصاعدة استهدفت مطارات ومنشآت إسرائيلية حيوية، أبرزها مطار رامون الذي توقفت فيه حركة الطيران بالكامل، إضافة إلى ضربات دقيقة على مواقع عسكرية في النقب، ومنشآت استراتيجية في عسقلان وأسدود ويافا.
الحوثيون أعلنوا بوضوح أن هذه الضربات تأتي “ثأراً لدماء غزة” ورداً على اغتيال إسرائيل لقياداتهم، بينهم رئيس الحكومة أحمد الرهوي وثمانية وزراء بارزين.
في البحر الأحمر، المشهد أكثر تعقيداً؛ فقد كثّفت الجماعة هجماتها على السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتعاملة معها.
السفينة البريطانية “Scarlet Ray” أصيبت بأضرار جسيمة وفقدت قدرتها على الملاحة، فيما تعرضت ناقلة يونانية لهجوم متزامن.
هذه العمليات دفعت العديد من شركات الشحن الدولية إلى تجنّب المرور عبر البحر الأحمر، ما يرفع احتمالات ارتفاع أسعار النقل والتأمين عالميًا.
التقديرات الأمنية في تل أبيب تؤكد أن التهديد الحوثي لم يعد تكتيكياً فحسب، بل تحوّل إلى خطر جيوستراتيجي يضع إسرائيل أمام جبهة جديدة على بُعد آلاف الكيلومترات.
مصادر عبرية أشارت إلى أن القيادة الإسرائيلية باتت تدرس استراتيجيات بديلة، تشمل استهداف قيادات الحوثيين المرتبطين بالحرس الثوري الإيراني، وتدمير منصات الإطلاق ومنشآت التصنيع العسكري في صنعاء والحديدة.
لكن التحدي الحقيقي – كما يرى مراقبون – هو أن الحوثيين أثبتوا قدرة على اختراق المنظومات الأميركية والإسرائيلية المتطورة، ما يجعل أي رد إسرائيلي مفتوحًا على تصعيد إقليمي قد يمتد إلى مضيق باب المندب، أحد أهم شرايين التجارة العالمية.
وفيما يواصل الحوثيون التأكيد على أنهم “لن يتراجعوا عن دعم غزة مهما كانت التضحيات”، يجد الكيان الإسرائيلي نفسه أمام معادلة جديدة: حماية جبهته الداخلية ووقف نزيف الرعب الداخلي، وفي الوقت نفسه مواجهة تهديد بحري قد يضرب اقتصاده في مقتل.
تعليقات 0