توني بلير.. هل يعود إلى الشرق الأوسط لقيادة خطة إدارة غزة ما بعد الحرب؟

في تطور جديد قد يعيد رسم خريطة المستقبل السياسي لقطاع غزة المحاصر، تطفو على السطح مجددا شخصية توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ولكن هذه المرة بدور مختلف يرسمه مقترح طموح لإدارة غزة خلال المرحلة الانتقالية التي تلي الحرب الحالية.
تفاصيل الخطة المقترحة
كشفت تقارير إعلامية بريطانية عن وجود مقترح متكامل يحظى بموافقة أطراف دولية فاعلة، يقضي بتكليف بلير برئاسة سلطة دولية انتقالية في غزة ، هذه السلطة ستتمتع بصلاحيات قانونية وسياسية عليا في القطاع لمدة خمس سنوات، بناء على تفويض أممي متوقع، وفقا لما نشرته مجلة “إيكونوميست”.
وبحسب المصادر المطلعة، سيتولى بلير منصب أمين عام لمجموعة تخطيطية تضم حوالي 25 شخصا، إلى جانب رئاسته لمجلس إشرافي مكون من سبعة أعضاء سيقوم بالإشراف على الهيئة التنفيذية التي ستتولى إدارة شؤون القطاع اليومية ، وأكد مصدر مقرب من بلير للمجلة أن رئيس الوزراء الأسبق “مستعد للتضحية بنفسه هذه المرة، فهو يريد حقا إنهاء الحرب”.
الدعم الدولي والتمويل
تحظى الخطة بدعم قوي من دوائر نافذة، تتراوح بين قادة دول الخليج وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والأهم من ذلك، أنها تحظى بموافقة ترامب نفسه، مما يعزز فرص تنفيذها مقارنة بمبادرات أخرى.
وقد شهدت الأشهر الماضية سلسلة من الاجتماعات المكثفة لمناقشة الخطة، حيث عقد بلير وكوشنر وستيف ويتكوف مبعوث ترامب للشرق الأوسط اجتماعا مع الرئيس الأمريكي في 27 أغسطس الماضي، بمشاركة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر عبر الهاتف.
كما عرض ترامب الفكرة على قادة تركيا وباكستان وإندونيسيا وخمس دول عربية في 23 سبتمبر، قائلا لهم: “ربما يمكننا إنهاء الحرب في غزة الآن”.
رؤية الخطة للمستقبل
تم تصميم الخطة على غرار النماذج الدولية التي أشرفت على انتقال تيمور الشرقية وكوسوفو إلى الدولة. وتفيد المصادر بأن هيئة إدارة غزة ستدخل القطاع بمجرد استقرار الأوضاع الأمنية، برفقة قوة متعددة الجنسيات.
وتؤكد الخطة على عدة مبادئ أساسية، أبرزها عدم تشجيع تهجير الفلسطينيين من غزة، والعمل على إعادة توحيد القطاع مع الضفة الغربية، مع التسليم التدريجي للإدارة للسلطة الفلسطينية.
وهذا يمثل تحسنا ملحوظا مقارنة بالرؤية التي روج لها ترامب في فبراير الماضي، والتي دعا فيها إلى تهجير سكان غزة وبناء مشاريع سياحية مكانها.
تطلعات السكان واستطلاعات الرأي
كشفت استطلاعات الرأي التي أجراها فريق بلير في مايو الماضي عن توجهات مثيرة للاهتمام بين سكان غزة، حيث فضل أكثر من ربعهم شكلا من أشكال الحكم الدولي، بينما أيد ثلثهم السلطة الفلسطينية. أما حماس، التي تدير القطاع منذ 2007، فلم يحبذ بقاءها في السلطة أي من المشاركين تقريبا.
وقد لخص موظف حكومي سابق هارب من مدينة غزة الموقف بقوله: “معظم السكان لا يهتمون بمن يحكم طالما توقف القصف وكان هناك طعام يأكلونه”.
إرث الماضي وتحديات المستقبل
تواجه الخطة انتقادات بسبب التاريخ البريطاني المثير للجدل في فلسطين، حيث يذكر الكثيرون أن الانتداب البريطاني استمر 30 عاما وكان له دور في وعد بلفور المشؤوم.
كما أن سجل بلير الشخصي في المنطقة لا يلهم الثقة، حيث شارك في غزو العراق عام 2003، وخلال فترة عمله كمبعوث للجنة الرباعية شهدت فلسطين أربع حروب على غزة وتصاعدت الاستيطان.
تبقى خطة بلير واحدة من عدة سيناريوهات مطروحة لمستقبل غزة، تجمع بين الدعم الدولي والتمويل الخليجي والرغبة في إنهاء الحرب ، لكن نجاحها مرهون بقدرتها على تخطي إرث الماضي وثقة الفلسطينيين، وتحقيق التوازن بين الطموحات السياسية والحاجات الإنسانية الملحة لسكان القطاع الذين أنهكتهم الحرب.
تعليقات 0