فيضانات السودان وسد النهضة: مياه النيل بين إدارة إثيوبية أحادية
ومواجهة مصرية استراتيجية

مع انطلاق موسم الأمطار في السودان، شهدت ولايات الخرطوم وسنار ارتفاعًا قياسيًا في منسوب مياه النيل الأبيض والأزرق، مصحوبًا بفيضانات واسعة لم يشهدها التاريخ الحديث.
وتفاقمت الأزمة بعد التشغيل الرسمي لسد النهضة الإثيوبي في سبتمبر الجاري، ما أثار مخاوف حول دور السد في تفاقم فيضانات السودان، وتأثيرها على أمن مصر المائي.
يعود النزاع حول سد النهضة إلى عام 2011، حين بدأت إثيوبيا مشروعها الطموح لتوليد الطاقة، معتبرة المشروع حقًا سياديًا يسهم في التنمية الداخلية وتخفيف أزمة الكهرباء.
بالمقابل، تعتمد مصر على مياه النيل بنسبة 90٪ من احتياجاتها، ما يجعل أي تصرف أحادي من إثيوبيا تهديدًا وجوديًا لأمنها المائي.
وفي الأسابيع الأخيرة، أطلقت السلطات السودانية تحذيرات من فيضانات وصلت إلى العلامة الحمراء نتيجة تصريف إثيوبي مفاجئ للمياه من بحيرة السد، مما أدى إلى تدمير آلاف المنازل، وغرق الأراضي الزراعية، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية، وانتشار الأمراض الوبائية مثل الكوليرا.
في المقابل، نفت إثيوبيا تسببها في الكارثة، زاعمة أن السد ساعد في التخفيف من حدة الفيضانات، لكنها اعترفت بتعطل بعض التوربينات، مما أثر على قدرة التصريف الآمن.
ومع ذلك، تبقى التصرفات الأحادية لإثيوبيا محل قلق كبير لكل من السودان ومصر، وسط ترقب دولي لتداعيات هذه السياسات على أمن المنطقة المائي والغذائي.
من جانبها، وضعت مصر خطة شاملة لمواجهة أي تهديد مائي محتمل، تشمل:
تحسين شبكات الري وترشيد استخدام المياه.
تطوير مشاريع تحلية وإعادة استخدام المياه.
تبطين الترع وتعظيم كفاءة توزيع الموارد المائية.
تعزيز الرصد عبر الأقمار الصناعية وشبكات المراقبة لمتابعة تصريفات السد.
توفير بدائل وتقنيات دعم لسكان المناطق الأكثر تأثرًا.
وتؤكد القيادة المصرية أن مياه النيل لن تتحول إلى أداة ابتزاز سياسي، وأن القاهرة لن تتهاون في حماية سيادتها المائية وأمنها القومي. كما يشدد الخبراء على أن تصرفات إثيوبيا الأخيرة ما هي إلا تنفيذ لمخططات تهدف إلى الضغط على مصر، بينما تواصل القاهرة تعزيز استعداداتها لمواجهة أي تهديدات مستقبلية وضمان استقرار الأمن المائي في المنطقة.
تعليقات 0