مأساة فيصل.. حريق ينهى حياة أسرة كاملة ويترك حي غارقا في الحزن

في قلب حي فيصل بالجيزة، تحولت ليلة هادئة إلى كابوس مؤلم لن يمحى من ذاكرة سكان المنطقة، بعدما استيقظ الجميع على أصوات الصراخ وألسنة اللهب التي التهمت شقة صغيرة كانت تأوي أسرة مكونة من ثلاثة أفراد فقط، لتكتب النيران نهاية مأساوية لقصة حب وسكينة تحولت في لحظة إلى فاجعة تقطع القلب.
لم يكن أحد يتخيل أن أمجد يوسف، الشاب الطيب الهادئ، الذي اعتاد جيرانه رؤيته بابتسامته الدائمة كل صباح، سيكون هو وزوجته مريم وطفلهما الصغير يوسف أبطالا لمأساة تهز الحي كله.
تلك الأسرة الصغيرة التي كانت تعيش حياة بسيطة ومليئة بالمحبة، أصبحت اليوم ذكرى مؤلمة تروى بالدموع والدهشة.
كان أمجد، كما وصفه جيرانه، مثالا للرجل الخلوق المتفاني في عمله وحياته الأسرية، يعمل صباحا ويقضي أوقات فراغه في خدمة كنيسته ومساعدة الآخرين دون تردد.
أما زوجته مريم، فكانت رمزا للطيبة والحنان، أما وزوجة محبة تهتم ببيتها وتعيش لأجل أسرتها الصغيرة، وكانت أحلامهم لا تتعدى أن يروا طفلهم يوسف يكبر في بيئة مليئة بالأمان والدفء.
لكن القدر كان له رأي آخر، ففي يوم لم يكن في الحسبان، شب حريق هائل في المنطقة، امتدت نيرانه إلى شقتهم بسرعة رهيبة.
حاول أمجد بكل ما أوتي من قوة إنقاذ زوجته وطفله، إلا أن ألسنة النار حاصرته من كل جانب، لتنتهي حياتهم الثلاثة في مشهد مأساوي أبكى كل من رآه.
الجيران الذين هرعوا إلى موقع الحادث وصفوا المشهد بأنه لا ينسى، بينما كانت عيونهم تفيض بالدموع.
تقول إحدى الجارات: “مريم كانت زي أختي، ست طيبة ودايما مبتسمة، عمرنا ما شفنا منها غير كل خير.”
ويضيف جار آخر بصوت حزين: “أمجد كان راجل محترم بيحب الناس، وبيخدم في الكنيسة بإخلاص، محدش كان يقدر يزعل منه.”
في اليوم التالي، تحولت شوارع الحي إلى مجالس عزاء مفتوحة، توافد إليها الأهالي لتقديم واجب العزاء لأقارب الضحايا، وسط أجواء يغلبها الصمت والذهول.
الجميع كان يتحدث عن الأسرة التي كانت جزءا من نسيج المكان، يشاركون الناس أفراحهم وأحزانهم، قبل أن يرحلوا جميعا في لحظة واحدة.
التحقيقات الأمنية التي بدأت فور وقوع الحريق كشفت مبدئيا أن السبب قد يكون عطلا كهربائيا، فيما تواصل الجهات المختصة تحقيقاتها لتحديد الملابسات بدقة، مع الدعوة إلى ضرورة تعزيز إجراءات السلامة في المساكن القديمة لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث.
رحيل أمجد ومريم ويوسف لم يكن مجرد حادث مأساوي، بل قصة إنسانية مؤثرة تجسد كيف يمكن للحياة أن تنقلب في لحظة من دفء وطمأنينة إلى رماد وحسرة.
ومع مرور الأيام، سيظل حي فيصل يتذكر وجوههم البريئة وضحكاتهم التي كانت تملأ المكان، لتبقى قصتهم شاهدا على وجع لا ينسى وذكرى محفورة في قلوب الجميع.
تعليقات 0