الصحة العالمية تحذر: السجائر الإلكترونية تغري الأطفال وتعيد وباء النيكوتين من جديد
أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرًا شديد اللهجة تجاه شركات تصنيع السجائر الإلكترونية، متهمة إياها بأنها وراء انتشار موجة جديدة من الإدمان بين الأطفال والمراهقين حول العالم، بعدما بلغ عدد مستخدمي هذه الأجهزة أكثر من 100 مليون شخص، بينهم ما يقرب من 15 مليون طفل، في ظاهرة وصفتها المنظمة بأنها “ناقوس خطر صحي عالمي”.
وفي بيان رسمي، أكدت المنظمة أن الشركات المنتجة للسجائر الإلكترونية تستخدم أساليب تسويقية ممنهجة لجذب الفئات الصغيرة، مستغلة النكهات والألوان والتصميمات الجذابة، في الوقت الذي تزعم فيه أنها تسعى لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين.
وقالت المنظمة إن هذه الأجهزة “لا تقلل الضرر كما تدّعي الشركات، بل تُحوّل الأطفال إلى مدمنين على النيكوتين في سن مبكرة، مهددةً عقودًا من التقدم في مكافحة التبغ”.
وكشف تقرير المنظمة الأخير حول اتجاهات التبغ العالمية، أن نسبة مستخدمي السجائر الإلكترونية بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا بلغت 7.2%، مقابل 1.9% فقط بين البالغين، موضحًا أن هذه الأرقام قد تكون أقل من الواقع بسبب ضعف الرقابة الرقمية على إعلانات الشركات المروجة. وأضاف التقرير أن المراهقين يقبلون على هذه الأجهزة بمعدل يفوق البالغين بـ تسع مرات، وهو ما يعكس نجاح الحملات الدعائية في استهدافهم بشكل مباشر عبر المنصات الإلكترونية.
وقال الدكتور إتيان كروج، مدير إدارة محددات الصحة والوقاية في المنظمة: “ما نشهده الآن هو موجة جديدة من الإدمان على النيكوتين، تغذيها السجائر الإلكترونية التي تُباع تحت غطاء تقليل الضرر، لكنها في الحقيقة تزرع الإدمان في أجيال لم تعرف التدخين التقليدي بعد”.
وأشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد مستخدمي منتجات التبغ عالميًا تراجع من 1.38 مليار شخص في عام 2000 إلى 1.2 مليار فقط في عام 2024، مؤكدًا أن هذا التراجع يُظهر نجاح الجهود الدولية لمكافحة التدخين.
ومع ذلك، أوضح المدير العام للمنظمة الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن شركات التبغ تحاول استعادة خسائرها عبر منتجات النيكوتين الجديدة التي تستهدف الشباب بشكل مكثف، داعيًا الحكومات إلى اتخاذ “إجراءات حازمة وسريعة” لمنع هذه الصناعة من تقويض المكاسب الصحية المحققة خلال العقدين الماضيين.
من جانبها، أكدت هازيل تشيزمان، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة Action on Smoking and Health، أن تصاعد شعبية السجائر الإلكترونية في بعض الدول، مثل المملكة المتحدة، بدأ في الأصل كوسيلة للإقلاع عن التدخين، إلا أن الظاهرة انحرفت مؤخرًا نحو إدمان المراهقين، مطالبة بضرورة تنظيم هذه المنتجات بصرامة ومنع تسويقها للأطفال، وهو ما يسعى إليه مشروع قانون جديد من المقرر مناقشته في البرلمان البريطاني هذا الشهر.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن استمرار تجاهل هذا الملف سيُعيد العالم إلى نقطة الصفر في معركة طويلة خاضتها البشرية ضد التبغ، مؤكدة أن “جيل المستقبل أصبح اليوم في مواجهة مباشرة مع وباء نيكوتين جديد، صُنع بطرق أكثر دهاءً وأقل وضوحًا من أي وقت مضى.”
تعليقات 0