«أنغام التعافي».. تجربة فريدة لتسكين آلام المرضى بعد الجراحات بالموسيقى

في تجربة لافتة جرت داخل وحدة الإنعاش في مستشفى جامعة كاليفورنيا بمدينة سان دييجو، لجأ الممرض رود سالايساي إلى أسلوب غير تقليدي لمساعدة المرضى على تجاوز آلام ما بعد العمليات الجراحية، حيث قام بالعزف والغناء باستخدام آلة الجيتار داخل غرفة الإنعاش.
وأفاد موقع “Medical Xpress” أن هذه المبادرة الموسيقية أثمرت عن استجابات إيجابية لدى المرضى، حيث ظهرت عليهم علامات ارتياح واضحة، مثل الابتسام أو الإيماء بالرأس، إلى جانب تحسن ملحوظ في المؤشرات الحيوية كانخفاض معدل ضربات القلب وضغط الدم، وكذلك تراجع الحاجة إلى جرعات عالية من مسكنات الألم.
وتندرج هذه المبادرة ضمن سلسلة من المحاولات العلمية والعملية التي انتشرت على مدى العقدين الماضيين في مستشفيات متعددة، لاختبار تأثير الموسيقى على شعور الإنسان بالألم.
وأظهرت دراسات حديثة، نُشرت في مجلتي Pain وScientific Reports، أن الاستماع إلى الموسيقى لا يُزيل الألم بشكل كامل، لكنه يخفف من الشعور به، أو يعزز قدرة المريض على تحمله.
ويتفق الخبراء على أهمية أن يختار المريض أو عائلته نوع الموسيقى التي يفضلها وأن يصغوا إليها باهتمام، لأن التفاعل النشط مع الموسيقى يحقق تأثيرًا أعمق من مجرد وجودها كخلفية صوتية.
ويشرح عالم النفس الأمريكي آدم هانلي أن الألم ليس مجرد إحساس جسدي، بل يتداخل مع مشاعرنا وأفكارنا وردود أفعالنا.
ويؤكد أن شخصين يعانيان من نفس الحالة قد يشعران بدرجات مختلفة من الألم، كما يمكن للشخص ذاته أن يختبر ألمًا متفاوتًا من يوم لآخر.
ويوضح هانلي أن الألم الحاد يحدث عندما ترسل مستقبلات الألم إشارات إلى الدماغ، في حين يرتبط الألم المزمن بتغيرات طويلة الأمد في البنية العصبية للدماغ، مما يزيد من استجابته لأي إشارات متعلقة بالألم.
ويشير الباحثون إلى أن الموسيقى تؤدي دورًا فعالًا في تشتيت الانتباه عن الألم، وتغيير طريقة الدماغ في معالجته.
وقد أظهرت دراسات أن الاستماع إلى الموسيقى المفضلة يكون أكثر فاعلية في تخفيف الألم من الاستماع إلى البرامج الحوارية أو البودكاست، نظرًا لأن الموسيقى تنشط أجزاء متعددة من الدماغ في وقت واحد، وتساعد في تقليل مشاعر العزلة والقلق التي تصاحب الألم.
ويعود استخدام الموسيقى كأداة لتخفيف الألم إلى أواخر القرن التاسع عشر، في الوقت الذي سبق اكتشاف التخدير الموضعي، حيث جرى استخدامها لتقليل ألم جراحات الأسنان.
واليوم، فيجري العلماء أبحاثًا معمقة لفهم الظروف والعوامل التي تجعل تأثير الموسيقى أكثر فاعلية.
وفي دراسة أجراها باحثون في جامعة إيراسموس روتردام في هولندا على 548 مشاركًا، تم قياس قدرتهم على تحمل الألم بعد الاستماع إلى خمسة أنواع مختلفة من الموسيقى، وهي الكلاسيكية، والروك، والبوب، والموسيقى الحضرية، والإلكترونية، من خلال تعريضهم لدرجات حرارة شديدة البرودة.
وأظهرت النتائج أن جميع أنواع الموسيقى ساعدت في تحسين قدرة المشاركين على تحمل الألم، دون أن يكون هناك نوع موسيقي واحد أكثر فاعلية من الآخر.
تعليقات 0