نيبال تحتفل بـ”كوكور تيهار”: يوم مخصص لتكريم الكلاب والإشادة بوفائها النبيل

في مشهد يفيض بالحب والوفاء، تتحول شوارع نيبال كل عام إلى لوحة زاهية بالألوان والزهور، احتفالًا بأحد أكثر المهرجانات إنسانية على الإطلاق، وهو “كوكور تيهار” أو يوم الكلاب، الذي يُقام في اليوم الثاني من مهرجان “تيهار” المكوّن من خمسة أيام، احتفال يُشبه إلى حد كبير مهرجان الديوالي في الهند، لكنه في نيبال يكتسب طابعًا فريدًا بتكريسه لتقدير الكلاب والإشادة بروحها النبيلة ودورها في حياة الإنسان.

يرتبط مهرجان تيهار في المعتقدات النيبالية بتكريم أربع كائنات تمثل رموزًا لإله الموت “ياما”: الغراب، الكلب، البقرة، والثور، بينما يُخصّص اليوم الأخير للبشر.

ويُعتبر الكلب في هذه الثقافة حارسًا لإله الموت “ياماراج”، ومن هنا جاء الاعتقاد بأن تكريمه يجلب الحماية من العذاب ويضمن عبورًا آمنًا إلى العالم الآخر، فيما تُعدّ الإساءة إليه في هذا اليوم خطيئة كبرى.

وفي طقوس تُلامس القلوب، تُزيَّن الكلاب في هذا اليوم بأكاليل من زهور القطيفة التي ترمز إلى النقاء والاحترام، وتُرسم على جباهها علامة “تيلاكا” الحمراء كرمز للبركة، بينما تُقدَّم لها وجبات فاخرة تشمل اللحوم والبيض والحليب وحتى أطعمة خاصة بالكلاب.

ولا يقتصر الاحتفاء على الكلاب المنزلية فحسب، بل يمتد ليشمل الكلاب الضالة وكلاب الشرطة والخدمة، تأكيدًا على أن الوفاء لا يعرف طبقات ولا حدودًا.

منذ عام 2016، تجاوز مهرجان كوكور تيهار حدود نيبال ليجد صدى واسعًا حول العالم؛ إذ بدأت مدن في المكسيك بإحياء المناسبة بالتزامن مع احتفالات “يوم الأموات” الشهيرة، كتعبير عن الرابطة الأبدية بين البشر وحيواناتهم الأليفة حتى بعد الموت.

وانتقلت العدوى الجميلة لاحقًا إلى الولايات المتحدة، حيث انضمت ولايات مثل فرجينيا وكولورادو إلى قائمة المحتفلين بالمهرجان، في مشهد يؤكد أن رسالة الرحمة والوفاء عالمية لا تحدها الجغرافيا.

أقيم مهرجان كوكور تيهار 2025 في 20 أكتوبر الجاري، ومن المقرر أن يُحتفل به العام المقبل في 7 نوفمبر 2026.

لكن عشاق الكلاب في نيبال والعالم يؤكدون أن هذا العيد لا يجب أن يُحصر في يوم واحد، فكل لحظة نقضيها مع هذه المخلوقات الوفية هي احتفال دائم بالحب والإخلاص الذي لا يعرف نهاية.