30 أكتوبر 2025 19:14
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

الأرق المتناقض يربك العلماء ويجعل النوم لغزًا نفسيًا وعصبيًا معقدًا

هل حدث أن أغلقت عينيك ليلًا وشعرت بأنك مستيقظ رغم أنك في الواقع كنت نائمًا؟ هذه التجربة المربكة ليست خيالًا، بل حالة حقيقية تُعرف باسم “الأرق المتناقض”، أحد أغرب اضطرابات النوم التي حيّرت العلماء لعقود.

بحسب تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، رصدت الباحثة هانا سكوت من جامعة فلندرز حالة فريدة أثناء إحدى تجاربها؛ فبينما أظهرت أجهزة قياس نشاط الدماغ أن المتطوعة دخلت في نوم عميق، كانت الأخيرة تؤكد بإصرار أنها لم تنم إطلاقًا، لتكشف هذه المفارقة المدهشة عن اضطراب يصعب تفسيره علميًا يعرف بـ”الأرق المتناقض” أو “الأرق الكاذب”.

الأشخاص المصابون بهذه الحالة يعتقدون أنهم لم يناموا سوى ساعات قليلة، رغم أن الفحوصات تثبت أنهم ناموا عددًا طبيعيًا من الساعات. ويشعرون بالإرهاق وفقدان التركيز، كما لو أنهم لم يغمضوا أعينهم طوال الليل.

ويعود اكتشاف هذا النوع من الأرق إلى عام 1959، حين وصف أطباء فرنسيون مريضة كانت تعاني من تباين واضح بين ساعات نومها الحقيقية وتقديرها الذاتي لها، ليتبين لاحقًا أن المشكلة ليست في النوم نفسه، بل في إدراك الدماغ للنوم.

ويرجّح الخبراء أن السبب وراء هذه الظاهرة هو نشاط دماغي يشبه حالة اليقظة أثناء النوم، مما يجعل الدماغ يسجل الوعي رغم توقف الجسد عن الاستجابة.

كما يُعتقد أن أدوات مراقبة النوم التقليدية قد لا تلتقط هذه الفروق الدقيقة في نشاط الدماغ.

اليوم، يُفضل العلماء استخدام مصطلح “التباين الذاتي-الموضوعي في النوم” (SOSD) بدلاً من “الأرق المتناقض”، نظرًا لتعقيد الحالة وتشعب أسبابها العصبية والنفسية.

أما عن العلاج، فيوصي الأطباء باتباع العلاج السلوكي المعرفي للأرق (CBT-I)، الذي يساعد في تصحيح الأفكار والمخاوف المرتبطة بالنوم، إضافة إلى تقنية تُعرف بـ”القصد المتناقض”، وتشجع المريض على التوقف عن محاولة النوم بإلحاح، مما يقلل من التوتر ويُسهم في تحسين جودة النوم بمرور الوقت.

في النهاية، يبدو أن الأرق المتناقض ليس مجرد اضطراب نوم، بل مرآة معقدة للعلاقة بين الوعي والعقل الباطن، حيث ينام الجسد لكن الدماغ يرفض الاعتراف بذلك.