3 نوفمبر 2025 17:17
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

«تصفية الحسابات في إسرائيل».. هل حاول اليمين اغتيال المدعية العسكرية بعد إقدامها على كشف فضائح كبرى؟ 

تعيش إسرائيل منذ ساعات حالة من الارتباك بعد الاختفاء الغامض للمدعية العسكرية العامة المستقيلة اللواء يفعات تومر يروشالمي، التي وُجدت سيارتها مهجورة على شاطئ “هتصوك” في تل أبيب، بينما انقطع الاتصال بها في ظروف تثير الكثير من علامات الاستفهام.

واستمرت عمليات البحث نحو ثلاث ساعات حتى تم العثور عليها، بعدما ثارت شكوك حول إقدامها على الانتحار عقب تركها خطاب وداع لم تكشف الشرطة عن مضمونه.

يفعات يروشالمي، التي كانت حتى أمس أحد أهم أركان المؤسسة العسكرية في إسرائيل، تحولت اليوم إلى لغز أمني وقضائي يحرج حكومة الاحتلال وجيشه أمام الرأي العام المحلي والدولي.

دخلت تومر يروشالمي عش الدبابير حين تجرأت على فتح ملفات حساسة داخل الجيش، وسربت بنفسها ـ وفق ما نشرته وسائل إعلام عبرية ـ فيديو تعذيب أسير فلسطيني داخل معتقل “سديه تيمان”، لتكشف الوجه الحقيقي لما يسمى “الجيش الأخلاقي”.

القصة بدأت في الخامس من يوليو 2024، حين قام خمسة جنود احتياط في جيش الاحتلال، بينهم ضابطان، بالاعتداء الوحشي على أسير فلسطيني داخل المعتقل.

ووفقًا للتحقيقات، اقتاد الجنود الأسير وهو مقيد اليدين والقدمين ومعصوب العينين إلى غرفة التفتيش، ثم انهالوا عليه ضربًا وركلاً وصعقًا كهربائيًا حتى سقط يتلوى من الألم.

ولم يكتفوا بذلك، بل طعنه أحدهم بأداة حادة في مؤخرته، مما تسبب في تمزق المستقيم وثقب في الرئة وكسور في الأضلاع. لاحقًا، أجبره الجنود على وضع عصا في فمه بينما استمروا في ضربه في مشهدٍ لا يمكن وصفه إلا بأنه تعذيب وحشي ممنهج.

الفيديو المسرب، الذي بثّته القناة 12 الإسرائيلية، كان الفتيل الذي أشعل عاصفة داخل الجيش وأدى إلى توقيف الجنود الخمسة ومحاكمتهم. لكن الأخطر من ذلك أن تومر يروشالمي هي من سربت الفيديو بنفسها، بحسب ما كشفته تقارير إعلامية عبرية، لتضع المؤسسة العسكرية في مأزق قانوني وأخلاقي غير مسبوق.

ومنذ تلك اللحظة، تحولت يروشالمي إلى عدوة للجيش واليمين الإسرائيلي الذي شنّ ضدها حملة تخوين وتهديد مباشر، ومع مرور الأسابيع بدأت تتلقى تهديدات تصل إلى منزلها.

صحيفة “هآرتس” كشفت أن يروشالمي كانت تخشى على حياتها، وأنها امتنعت في الأشهر الأخيرة عن التحقيق في جرائم حرب، وتراجعت عن فتح ملفات حساسة تتعلق بمجازر ارتكبها الجيش في غزة، مثل قصف مستشفى ناصر في خان يونس، ومقتل متطوعي منظمة “المطبخ المركزي العالمي”، واستهداف الطواقم الطبية.

لكن ما إن انكشف المستور، وتبين دورها في تسريب الفيديو الذي وصل إلى وسائل إعلام أجنبية، ثم إلى المحكمة الجنائية الدولية، حتى تحولت اللواء يروشالمي إلى هدف سياسي. فقد تعرضت لحملات تحريض وتهديد علني من قِبل اليمين الإسرائيلي، وعلى رأسهم وزراء ونواب في حكومة نتنياهو، قبل أن تُجبر على الاستقالة وتختفي اليوم في ظروف مشبوهة.

ويبقى السؤال المطروح الآن: هل كانت يروشالمي على وشك تفجير فضيحة كبرى تطال رؤوسًا كبيرة في المؤسسة العسكرية؟ هل قررت أن تتحدث في التحقيقات وتجر أسماء كبيرة للمحاكمة، فتم إسكاتها؟ وهل حاولت يروشالمي الانتحار حقًا، أم أن الجيش حاول “نحرها” و”إغلاق الملف” قبل أن ينفجر؟

في الذكرى الثلاثين لاغتيال إسحاق رابين، لا يمكن تجاهل هذا التشابه المرعب؛ رابين اغتاله اليمين لأنه تجرأ على توقيع اتفاقية سلام مع الفلسطينيين، فهل حاول اليمين اغتيال يفعات يروشالمي لأنها تجرأت على كشف الجرائم؟ وهل بدأ داخل إسرائيل مسلسل اغتيالات صامتة لكل من يعرف أكثر مما ينبغي؟