قانون إسرائيلي لإعدام الأسرى الفلسطينيين يشعل الجدل الدولي
خطوة تصعيدية تنذر بمواجهة قانونية وإنسانية خطيرة

في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ عقود في مسار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، أقرت لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يسمح بإصدار أحكام بالإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين الذين تدّعي تل أبيب إدانتهم بارتكاب “أعمال إرهابية”.
ورغم أن المشروع لم يُعرض بعد على القراءات البرلمانية الثلاث اللازمة لإقراره بشكل نهائي، فإن تمريره داخل اللجنة البرلمانية يمثل إشارة تصعيد سياسية بالغة الحساسية ورسالة حادة في ظل أجواء أمنية مشحونة منذ أحداث 7 أكتوبر.
تأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيه الضغوط داخل الحكومة الإسرائيلية اليمينية، خصوصاً من الأحزاب المتشددة التي تضع “تشديد العقوبات” على رأس أولوياتها.
ويرى مراقبون أن إقرار المشروع في هذا التوقيت يهدف إلى إرضاء القاعدة اليمينية و”تصدير القوة” للرأي العام الإسرائيلي بعد أشهر من الاضطرابات والانتقادات الداخلية.
رغم أن القانون الدولي لا يحظر عقوبة الإعدام بشكل مطلق، فإنه يفرض شروطاً صارمة لاستخدامها، أبرزها ضمان المحاكمات العادلة في ظل نظام قضائي مستقل وشفاف، وخاصة في أوقات النزاعات المسلحة.
وتحذر منظمات حقوقية فلسطينية ودولية من أن القانون المقترح يمثل “تقنيناً لتصفية الأسرى تحت غطاء تشريعي”، معتبرة أنه ينتهك اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة اللتين تؤكدان على حماية الأسرى من العقاب غير الإنساني، وتحظران الإجراءات الانتقامية ضدهم.
ويرى خبراء القانون أن تطبيق هذا التشريع في ظل نظام تقاضي مثير للجدل قد يرقى إلى “جريمة حرب محتملة” وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ما قد يفتح الباب أمام ملاحقات دولية بحق المسؤولين الإسرائيليين.
سياسياً، يعكس المشروع محاولة لإظهار الحزم الداخلي وإرسال رسالة ردع للفصائل الفلسطينية، بينما تعتبره القيادة الفلسطينية والفصائل المسلحة استمراراً لمنهج “العقاب الجماعي” الذي تمارسه إسرائيل بحق الأسرى، محذّرة من أن الخطوة قد تؤدي إلى انفجار جديد في الشارع الفلسطيني وتفاقم التوتر الإقليمي.
يُذكر أن إسرائيل لم تطبق عقوبة الإعدام إلا مرة واحدة في تاريخها الحديث، بحق النازي أدولف أيخمان عام 1962، ما يجعل إعادة طرح هذا المسار سابقة قانونية وسياسية خطيرة من شأنها إعادة رسم قواعد إدارة الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وإثارة تساؤلات دولية حول مصير مئات الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.
في الوقت الذي تصفه فيه تل أبيب بأنه “ضرورة أمنية”، يرى فيه الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان تحديًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وخطوة قد تدفع المنطقة إلى مربع جديد من المواجهة القانونية والسياسية والإنسانية.


تعليقات 0