إعلان دستوري يشعل الجدل في فلسطين.. محمود عباس يمنح حسين الشيخ صلاحيات الرئاسة مؤقتاً
وسط اتهامات بتفصيل الخلافة على المقاس

في خطوة مفاجئة أعادت رسم ملامح المشهد السياسي الفلسطيني، أصدر الرئيس محمود عباس إعلاناً دستورياً يقضي بتولي نائبه حسين الشيخ مهام رئاسة السلطة الفلسطينية مؤقتاً في حال شغور المنصب، ما فجّر موجة واسعة من الجدل السياسي والقانوني، وفتح الباب أمام اتهامات بترتيب مسبق لخلافة عباس وضمان انتقال السلطة داخل الدائرة المقربة منه.
الإعلان الجديد، الذي ألغى إعلاناً سابقاً صدر عام 2024 كان يمنح رئيس المجلس الوطني روحي فتوح حق تولي المنصب مؤقتاً، وضع الشيخ، البالغ من العمر 65 عاماً، في موقع الرجل الأول في المشهد الفلسطيني، ليصبح عملياً الوريث السياسي لعباس، الذي تجاوز التسعين عاماً.
وفق نص الإعلان، يتولى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ونائب رئيس دولة فلسطين، أي حسين الشيخ، مهام الرئاسة لمدة لا تتجاوز تسعين يوماً، تُجرى خلالها انتخابات رئاسية مباشرة، مع إمكانية التمديد لمرة واحدة فقط في حال تعذر تنظيمها.
لكن منتقدين رأوا أن الإعلان لم يأتِ بدافع “المصلحة الوطنية” كما قيل، بل جاء لترتيب مرحلة ما بعد عباس، وسط ضغوط دولية متزايدة لإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية بعد الحرب المدمرة على غزة، وتأكيدات بأن واشنطن وعواصم عربية تدفع باتجاه تجديد القيادة الفلسطينية.
جدل قانوني واتهامات بتقويض الشرعية
الخطوة أثارت انتقادات حادة في الأوساط السياسية والقانونية الفلسطينية، التي وصفت الإعلان بأنه انقلاب على الشرعية الدستورية وتجاوز صريح للقانون الأساسي، خاصة بعد أن تجاهل دور المجلس المركزي لمنظمة التحرير ورئيس المحكمة الدستورية كخيارات محتملة لملء الفراغ في الرئاسة.
ويرى خبراء أن القرار يكرس حكم الفرد ويقوض مبدأ الفصل بين السلطات، خصوصاً بعد أن أدى حلّ المجلس التشريعي عام 2018 إلى تعطيل المؤسسات الرقابية وتركز السلطة التنفيذية في يد عباس وحده.
في المقابل، دافعت أوساط مقربة من عباس عن الإعلان، معتبرة أنه إجراء ضروري لتجنب فراغ في الحكم وضمان انتقال منظم للسلطة في مرحلة سياسية حساسة.
كما أصدرت حركة فتح بياناً داعماً للقرار، معتبرة أنه يهدف إلى “منع الفوضى السياسية” و”حماية الشرعية الوطنية” من أي محاولات خارجية لفرض بدائل.
كابوس البرغوثي وخلافة ما بعد عباس
قرار عباس جاء في وقت تتزايد فيه الأحاديث عن إمكانية الإفراج عن القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي من سجون الاحتلال، الذي يُعد المنافس الأبرز لعباس في أي انتخابات مقبلة.
فتعيين الشيخ، الذي يتمتع بعلاقات قوية مع الأمريكيين والإسرائيليين، جاء تحسباً لأي عودة محتملة للبرغوثي إلى الساحة، خاصة وأن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه الأوفر حظاً في الفوز بانتخابات الرئاسة.
مصادر فلسطينية تحدثت لـ”ذا أرب ويكلي” أكدت أن الإعلان لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج ترتيبات داخلية وخارجية متشابكة تهدف إلى تأمين انتقال منضبط للسلطة دون مفاجآت أو منافسة مفتوحة، في ظل انقسام داخلي وتحديات متصاعدة على الأرض.
اتهامات بتفصيل الخلافة
المعارضون وصفوا القرار بأنه “تدوير للسلطة” داخل الحلقة الضيقة المحيطة بعباس، وأنه يفتح الباب أمام تكرار نموذج الفرد الواحد في القيادة الفلسطينية، بما يضعف فرص الإصلاح الديمقراطي ويقوّض الثقة الشعبية في مؤسسات السلطة.
أما حركة حماس، فقد اعتبرت الإعلان “غير دستوري ومخالفاً للتوافق الوطني”، مؤكدة أنه “يعقّد فرص إصلاح النظام السياسي الفلسطيني ويكرّس التفرد بالقرار”.


تعليقات 0