18 نوفمبر 2025 14:09
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

سر غياب العين اليسرى في تمثال الملكة نفرتيتي.. إيه الحكاية

يعد تمثال الملكة نفرتيتي رمزًا خالدًا للجمال في الحضارة المصرية القديمة، حيث يعكس اسمها المعنى ذاته، إذ يُترجم إلى “أتت الجميلة” أو “الجميلة أتت”، ما يدل على مكانتها وجمالها البارز في عصرها.

كانت نفرتيتي زوجة الملك أمنحوتب الرابع، الذي أصبح لاحقًا الفرعون إخناتون، وحماة الملك توت عنخ آمون، وتُصنّف من أقوى النساء في مصر القديمة، وقد عُثر على تمثال رأسها في السابع من ديسمبر 1912م، رغم أنه غير مكتمل إذ تفتقد العين اليسرى، مما أثار تساؤلات كبيرة حول سبب ذلك الغياب.

تفسيرات غياب العين اليسرى

طرحت الدراسات المختلفة عدة تفسيرات لعدم وجود العين اليسرى في التمثال النصفي الشهير.

التفسير الأول افترض سقوط العين داخل ورشة النحات، لكنه استُبعد نظرًا لعدم العثور على أي أثر لها رغم المكافآت التي عرضت للعثور عليها.

أما التفسير الثاني فربط الأمر بإصابة نفرتيتي بمرض في العين أدى إلى فقدان البصر، وهو ما تناقض مع حقيقة وجود عينيها في تماثيل أخرى.

واعتبر التفسير الثالث أن العين دُمرت مع مرور الزمن، لكنه لم يكن منطقيًا أيضًا.

أما التفسير الرابع، والذي تبناه غالبية الباحثين وعلماء الآثار، فهو أن العين لم تُصنع عمدًا، حيث استخدمها النحات تحتمس كجزء من تدريب طلابه على نحت العين الداخلية داخل الورشة، لتعليمهم أسس النحت التفصيلي.

تمثال نفرتيتي النصفي المصنوع من الحجر الجيري يُعد من أبرز روائع الفن المصري القديم، ويُقدر أنه صُنع حوالي عام 1345 قبل الميلاد في ورشة تحتمس بتل العمارنة.

هذا التمثال أصبح علامة بارزة للملكة نفرتيتي، ومثالًا للكمال الأنثوي في العالم القديم، كما أضحى أحد أكثر التماثيل إعادةً للنسخ ودراسة عبر العصور.

اكتشاف التمثال

اكتشف العالم الألماني لودفيج بورشاردت رأس الملكة في تل العمارنة، داخل بيت النحات تحتمس الذي كان يعمل في خدمة إخناتون، غير أن التمثال لم يبقَ طويلًا في مصر، إذ حصل عليه مكتشفه بطرق احتيالية، وهو ما كشفه لاحقًا العديد من علماء الآثار، موضحين غشًا وتدليسًا في عملية النقل.

التمثال النصفي بعين واحدة

أوضح الدكتور زاهي حواس أن الرأس تم العثور عليها داخل ورشة الفنان تحتمس، وقد صُنعت بعين واحدة عمدًا، ليُستخدم التمثال كنموذج لرسم البروفيل الخاص بالملكة في النقوش على جدران المقابر والمعابد، وصور العائلة الملكية على اللوحات النذرية التي تُظهر إخناتون وهو يعبد إله الشمس “أتون”، وبالتالي، لم يكن من الضروري إكمال العين الأخرى، إذ الهدف الأساسي كان توفير نموذج للوجه الجانبي للملكة أثناء تنفيذ المناظر والنقوش.

وحسب ما ذكر موقع “artincontext”، عند اكتشاف التمثال النصفي، لم يكن هناك كوارتز يمثل حدقة العين اليسرى، ولم يُعثر على أي شيء يوضح وجودها رغم البحث الشامل، وعرضت جائزة قدرها 1000 جنيه إسترليني لمن يُدلّي بمعلومات عن مكانها. عندما دمّر استوديو تحتمس لاحقًا، افترض بورشاردت أن قزحية العين سقطت، لكنه لم يجد دليلًا يدعم هذا الافتراض.

عين نفرتيتي اليسرى ودراسات حديثة

أثار غياب العين اليسرى تكهنات حول إصابتها بمرض، إلا أن تماثيل أخرى لها دحضت هذا الاحتمال.

وفقًا لديتريش فيلدونج، استُخدم التمثال في برلين كنموذج للصور الرسمية، وكان أداة تعليمية لتعليم النحاتين كيفية نحت التشريح الداخلي للعين، ولهذا لم تُدرج القزحية اليسرى عمدًا.

ويرى بعض الباحثين أن التمثال النصفي تُرك ناقصًا قصديًا لتحقيق هدف فني وتعليمي.

وبحسب موقع متحف ولاية برلين الرسمي، فور العثور على التمثال في 6 ديسمبر 1912، كُلّف بورشاردت بالبحث عن الترصيع المفقود من العين اليسرى.

وعند أول نشر للتمثال عام 1923، ذكر: “في العين اليسرى، كانت الحشوة مفقودة، وفُتش على الفور عن أي بقايا، لكن الحشوة العينية لم تُعثر عليها أبدًا”.

تشير هذه الملاحظة إلى أن تطعيم العين، إن وُجد أصلًا، لم يكن موجودًا وقت الاكتشاف، كما هو الحال مع بعض طبقات الذهب في تمثال إخناتون النصفي الموجود في نفس الورشة، أو الصل المفقود من التمثال نفسه.