25 نوفمبر 2025 15:37
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

ماري كويني.. أيقونة صنعت تاريخ السينما وغيّرت ملامحها

تحل اليوم ذكرى وفاة ماري كويني  وتعود الأضواء لتتجه نحو اسم لا يمكن تجاوز تأثيره في صناعة السينما العربية، اسم ارتبط بالريادة والابتكار وصناعة النجوم.

الحديث هنا عن الفنانة والمنتجة المبدعة ماري كويني، التي شقت طريقها منذ طفولتها داخل واحدة من أهم البيئات الفنية في القاهرة، لتصبح لاحقًا واحدة من أبرز النساء اللواتي أسسن قواعد الإنتاج والإخراج والمونتاج في مصر والعالم العربي.

ولدت ماري بطرس يونس عام 1916 في بلدة تنورين شمال لبنان، ثم انتقلت وهي طفلة إلى القاهرة عام 1922 برفقة والدتها وشقيقتها عقب وفاة والدها، لتعيش في كنف خالتها المنتجة والفنانة آسيا داغر والصحفي أسعد داغر.

تلك البيئة الثقافية والفنية كانت الشرارة الأولى التي غذّت موهبتها ورسّخت داخلها حب السينما والفنون.

دخلت ماري كويني عالم التمثيل عام 1929 وهي في الثانية عشرة من عمرها، بعد أن اختارها المخرج وداد عرفي للمشاركة في فيلم «غادة الصحراء» أمام خالتها آسيا. وقد فتح هذا الدور الباب أمام سلسلة من الأعمال الناجحة، حيث ظهرت لاحقًا في أفلام «بنت الباشا المدير» و«وخز الضمير» عام 1931 إلى جانب الفنان أحمد جلال.

ومن خلال التعاون بين آسيا داغر وأحمد جلال وماري كويني، نشأ أحد أشهر الثلاثيات الفنية في بداية السينما المصرية، وأسّسوا معًا شركة «لوتس» للإنتاج السينمائي التي لعبت دورًا محوريًا في تطوير الصناعة.

وتحوّل التعاون الفني بينها وبين المخرج أحمد جلال إلى علاقة شخصية انتهت بالزواج عام 1940، وأنجبا ابنهما نادر الذي أصبح لاحقًا أحد أهم مخرجي السينما المصرية. وفي عام 1944 أسس الزوجان «استوديو جلال»، الذي بات ثاني أكبر استوديو سينمائي بعد استوديو مصر.

وقد ساهمت ماري في تطوير العديد من التقنيات السينمائية، لا سيما في مجال المونتاج، حيث كانت من أبرز المونتيرين في الأربعينيات، كما أنها أول من أدخل معمل ألوان سينمائي إلى الشرق الأوسط عام 1957، وهو حدث أحدث طفرة في صناعة السينما العربية.

قدمت ماري كويني خلال مسيرتها نحو 22 فيلمًا في التمثيل، من بينها «عيون ساحرة»، «شجرة الدر»، «نساء بلا رجال»، «أم السعد»، «رباب» و«الهام». كما أنتجت مجموعة كبيرة من الأفلام التي تعد علامات بارزة في السينما، مثل «عودة الغائب»، «أمير الأحلام»، «ظلموني الناس»، «كنت ملاكًا»، «المليونير الفقير»، إلى جانب إنتاجها سلسلة من أفلام إسماعيل ياسين الشهيرة، ومنها «إسماعيل ياسين في جنينة الحيوانات».

وفي عام 1972 قدمت أول فيلم لابنها نادر جلال بعنوان «غدًا يعود الحب»، بينما كان آخر أعمالها الإنتاجية «أرزاق يا دنيا» عام 1982.

ولم يقتصر دورها على التمثيل والإنتاج، بل ساهمت في تقديم نخبة من أهم المخرجين والفنانين الذين أصبحوا لاحقًا من أعمدة السينما المصرية، مثل حسن الإمام، إبراهيم عمارة، ومحسن سرحان. كما كان لها دور محوري في دعم بدايات يوسف شاهين، إذ أنتجت له عددًا من أفلامه المبكرة، بالإضافة إلى دعمها لمواهب شابة أصبحت لاحقًا من رموز السينما مثل شكري سرحان ويحيى شاهين وفاتن حمامة.

حصدت ماري كويني تقديرًا واسعًا خلال مسيرتها، فحصلت على جائزة الدولة التشجيعية عام 1958 عن فيلم «حب من نار»، وشهادة تقدير من مهرجان الهند الدولي عن فيلم «ابن النيل»، إلى جانب جائزة المركز الكاثوليكي عن فيلم «بدور» عام 1974، باعتبارها إحدى أهم الشخصيات التي أثرت في صناعة السينما.

وفي 25 نوفمبر 2003 أسدل الستار على حياة ماري كويني بعد أن تجاوزت 87 عامًا، تاركة وراءها إرثًا سينمائيًا يخلد اسمها ويؤكد دورها كأحد أعمدة الفن العربي، وهو الإرث الذي استكمله حفيدها المخرج أحمد نادر جلال، ليبقى اسمها حاضرًا في ذاكرة السينما وقلب كل محب للفن.