توت عنخ آمون ينهض من زهرة اللوتس.. تحفة مصرية تروي سر البعث والخلود

في قلب المتحف المصري الكبير، تتألق تحفة فنية فريدة تجسد فلسفة البعث والخلود في الفن المصري القديم: رأس الملك توت عنخ آمون الخارج من زهرة اللوتس.
هذه التحفة النادرة، التي اكتشفها هوارد كارتر عام 1922 ضمن مقتنيات مقبرة KV62 بوادي الملوك، تمثل مزيجًا رائعًا من الإبداع الفني والدلالة الدينية والفلسفة الروحية لعصر الأسرة الثامنة عشرة.
مصنوعة من الخشب الملون، وزُينت العينان بأدق التفاصيل، تعكس هذه التحفة براعة النحت الجنائزي المصري، حيث لم يقتصر الفنانون على إبراز الملامح الجمالية للملك، بل استخدموا كل تفصيلة للتعبير عن رمزية روحية عميقة.
ويؤكد عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير أن الملك يظهر في هذه القطعة في هيئة الإله نفرتم، معبود مدينة منف الشاب، كطفل يخرج من زهرة اللوتس مع أول شعاع للشمس، وهو تصوير رمزي لميلاد الحياة من جديد.
وتربط هذه الرؤية بين الشمس والزهرة والحياة والخلود، لتصبح لغة بصرية تنقل عقيدة كاملة عن الحياة والموت والبعث.
كما يضيف عبد البصير أن الألوان المستخدمة تحمل رمزية عميقة: الذهب للأبدية والطبيعة الإلهية، الأزرق للسماء والماء والحياة، الأخضر للخصب والتجدد، والأحمر للقوة والطاقة والبعث.
التناغم بين هذه الألوان يخلق مشهدًا متكاملًا يعكس فلسفة الكون عند المصري القديم، حيث كل عنصر فني يحمل معنى دينيًا وروحيًا عميقًا.
هذه التحفة ليست مجرد قطعة أثرية للزينة، بل بيان بصري لعقيدة البعث والخلود، تشهد على قدرة الفن المصري القديم في ترجمة الفكر الديني إلى لغة حية نابضة بالمعنى، لتؤكد أن الموت ليس نهاية، بل عبور إلى حياة أبدية، وأن الملك، مثل الإله، يولد من جديد كل صباح، متحدًا بالقوى الكونية التي خلقت العالم وأعادت خلقه يوميًا.


تعليقات 0