15 ديسمبر 2025 21:05
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

متحف محمد ناجي يفتح أبوابه للجمهور ضمن مبادرة “فرحانين بالمتحف الكبير.. ولسه متاحف مصر كتير “

أعلنت وزارة الثقافة توجيه دعوة موسَّعة للجمهور لزيارة متحف محمد ناجي، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، وذلك في إطار مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير.. ولسه متاحف مصر كتير»، التي تُقام برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتهدف إلى تسليط الضوء على الكنوز الفنية المنتشرة في متاحف مصر المتخصصة بمختلف المحافظات، والتأكيد على أن الإبداع المصري لا يقتصر على موقع واحد أو نطاق جغرافي بعينه.

ويُعد متحف محمد ناجي أحد أهم المتاحف الفنية المتخصصة في توثيق مسيرة رواد الفن التشكيلي المصري الحديث، إذ أسسه الفنان الكبير محمد ناجي عام 1952 كمرسم خاص به، قبل أن يتحول بعد وفاته إلى متحف يوثق تجربته الفنية والإنسانية.

وافتتح المتحف رسميًا في 13 يوليو عام 1968 على يد وزير الثقافة الأسبق ثروت عكاشة، ثم خضع لأعمال تطوير شاملة عام 1991.

ويمثل محمد ناجي علامة فارقة في تاريخ فن التصوير المصري الحديث، حيث لعب دورًا محوريًا في تشكيل ملامح الحركة التشكيلية خلال النصف الأول من القرن العشرين.

وبعد عودته من مدينة فلورنسا الإيطالية، حيث تلقى دراسته الفنية، تولّى إدارة متحف الفن الحديث عام 1952، ما دفعه إلى إنشاء مرسمه الخاص بالقرب من منطقة الأهرامات لإنجاز مشروعاته الفنية الكبرى، وعلى رأسها لوحة «مدرسة الإسكندرية».

وعقب وفاته عام 1956، قامت وزارة الثقافة بشراء المرسم عام 1962 تمهيدًا لتحويله إلى متحف يحمل اسمه، فيما أهدت شقيقته الفنانة عفت ناجي للمتحف 40 لوحة زيتية من أعماله، إلى جانب عدد كبير من الرسومات التحضيرية ومتعلقاته الشخصية.

ويضم المتحف حاليًا نحو 1200 عمل فني متنوع، تشمل لوحات زيتية ورسومات ودراسات فنية، بالإضافة إلى مقتنيات شخصية تعكس ملامح حياة الفنان اليومية وذوقه الرفيع.

ويتكون المتحف من صالتين رئيسيتين؛ الأولى هي المرسم الأصلي للفنان، بينما استُحدثت الصالة الثانية لعرض الأعمال الفنية، إلى جانب مكتبة متخصصة ومخزن يضم عددًا من اللوحات والمقتنيات.

كما يضم المتحف مجموعة مميزة من المقتنيات الخاصة بمحمد ناجي، من بينها كرسيه الهزاز الشهير، وصندوق خشبي يضم بدلاته الرسمية، وقطع أثاث تعود إلى بدايات القرن العشرين، في دلالة على شخصيته الأنيقة التي انعكست بوضوح على مسيرته الفنية.

وتتميز القاعة المستحدثة بتصميم معماري متناغم مع طابع المرسم الأصلي، وتتصدّرها لوحة سقفية ضخمة بعنوان «جني البلح»، تجسّد عادات المصريين في حصاد التمور، إلى جانب لوحة «موسى» التي رسمها عام 1939، وتعكس تأثر الفنان بالقصص القرآني.

كما يحتل نهر النيل حضورًا بارزًا في أعماله، من خلال لوحات تُصوّر فرحة أبناء الجنوب بموسم الفيضان وما يحمله من خير ونماء.

وتنقسم الأعمال المعروضة بالمتحف إلى ثلاث مراحل فنية رئيسية؛ الأولى تأثر فيها بالمدرسة الأكاديمية الإيطالية والانطباعية خلال دراسته في أوروبا، قبل أن يعيد صياغتها برؤية مصرية خالصة تعكس حياة الفلاحين والبسطاء.

أما المرحلة الثانية فجاءت بعد رحلته إلى الحبشة عام 1931، حيث تأثر بالطبيعة الإثيوبية الزاخرة بالألوان، وصوّر عددًا من الشخصيات البارزة، من بينها الإمبراطور هيلا سيلاسي.

بينما جسّدت المرحلة الثالثة انغماسه في الداخل المصري، من خلال توثيق عادات الريف والحياة اليومية في لوحات مثل «الرحايا» و«الطب في الريف».

كما قدّم محمد ناجي رؤية فنية عميقة للعادات والتقاليد المصرية، خاصة خلال زياراته للأقصر، حيث وثّق مظاهر الفرح والحزن في المجتمع الصعيدي، إلى جانب اهتمامه بالقضايا الوطنية وتأثره بالحركة الوطنية المصرية في عشرينيات القرن الماضي، وهو ما انعكس في أعمال مستوحاة من حادثة دنشواي وشخصية الزعيم مصطفى كامل، ولوحة كبيرة تجسد «جوليت آدم» الأم الروحية للحركة الوطنية.

ولا يقتصر دور المتحف على عرض الأعمال الفنية فحسب، بل يقدم أيضًا توثيقًا شاملًا للحياة الشخصية للفنان وعلاقاته الإنسانية، من خلال بورتريهات لعائلته وشقيقته عفت ناجي، وصور لشخصيات وطنية وثقافية بارزة مثل هدى شعراوي وطه حسين وأحمد شوقي.

وأكدت وزارة الثقافة أن متحف محمد ناجي يمثل محطة ثقافية وفنية مهمة ضمن خريطة المتاحف المصرية، ونموذجًا فريدًا للتكامل بين الفن والتاريخ والهوية الوطنية، داعية الجمهور إلى زيارته واكتشاف تجربة أحد أبرز رواد الفن التشكيلي المصري، ضمن فعاليات مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير.. ولسه متاحف مصر كتير».