15 ديسمبر 2025 23:16
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

“البينة على من ادعى” تحت مجهر القضاء.. الإدارية العليا تلغي نتائج دوائر انتخابية وترسخ قواعد الإثبات

أرست المحكمة الإدارية العليا مبدأً قضائيًا بالغ الأهمية، من خلال أحكامها الأخيرة الصادرة في عدد من طعون الانتخابات، والتي انتهى بعضها إلى إلغاء نتائج بعض الدوائر وإعادة إجراء الانتخابات من جديد، بعد ثبوت مخالفات جسيمة شابت إجراءات الفرز والتجميع، بما يمس سلامة العملية الانتخابية.

وأكدت المحكمة في حيثياتها أن الأصل العام في الإثبات هو تحمّل المدعي لعبء إثبات ما يدعيه، مشددة على أن الخروج على هذا المبدأ لا يكون إلا في حالات استثنائية ضيقة حددها القانون والقضاء، حفاظًا على استقرار القواعد القانونية ومنعًا للتوسع غير المبرر في تحميل جهة الإدارة عبء الإثبات.

وأوضحت الإدارية العليا أن المشرّع ألزم اللجان العامة عند مباشرة أعمال الفرز بتحرير محاضر تفصيلية تتضمن جميع الإجراءات التي تمت، وكافة الاعتراضات التي يبديها وكلاء المرشحين بشأن صحة الاقتراع أو الفرز، باعتبار هذه المحاضر حجر الزاوية في ضمان الشفافية وسلامة الانتخابات.

كما أوجب القانون إعداد كشوف رسمية تشمل أعداد الناخبين المقيدين بكل لجنة، وعدد من أدلوا بأصواتهم، والأصوات الصحيحة والباطلة، وعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح أو قائمة، مع تسليم نسخة منها للمرشحين أو وكلائهم متى طلبوا ذلك، بما يتيح لهم إعداد الدليل اللازم عند الطعن على النتائج.

وأضافت المحكمة أن قضاءها استقر على عدم تحميل جهة الإدارة عبء الإثبات بدلًا من المدعي، إلا إذا كانت المستندات والأوراق الحاسمة للفصل في النزاع تحت يد الإدارة وحدها، ويتعذر على المدعي الحصول عليها من أي مصدر آخر.

وفي هذه الحالة، يلتزم على الجهة الإدارية واجب قانوني يتمثل في الرد على الدعوى وتقديم المستندات التي بحوزتها، تمكينًا للمحكمة من كشف الحقيقة وتحقيق العدالة.

وشددت المحكمة على أن هذه القرينة الاستثنائية ليست سوى بديل مؤقت عن القاعدة العامة «البينة على من ادعى»، وقد أخذ بها قضاء مجلس الدولة لمنع تعطيل الفصل في الدعاوى الإدارية بسبب امتناع الإدارة أو نكولها عن تقديم المستندات التي تحتفظ بها.

واختتمت الإدارية العليا حيثياتها بالتأكيد على أن امتناع جهة الإدارة عن تقديم المستندات قد يكشف عن أحد أمرين لا ثالث لهما:
إما افتقار قراراتها لأي سند قانوني يضفي عليها المشروعية، أو سوء القصد في حجب ما من شأنه إظهار الحقيقة وإعلاء سيادة القانون.