18 ديسمبر 2025 22:16
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

«المرحلة الانتقالية في مفترق طرق».. هدنة غزة بين التحديات السياسية والواقع الدموي

يدخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مرحلة حرجة، مع تزايد التساؤلات حول قدرته على الصمود أمام الحسابات السياسية والأمنية المتضاربة على المستويين الإقليمي والدولي.

بالرغم من جهود الوسطاء المكثفة، تبقى العملية التفاوضية متوقفة عند أول اختبار عملي، وسط اتهامات متبادلة بتعطيل التنفيذ واختلاف الرؤى بشأن مستقبل القطاع وترتيبات ما يُعرف بـ “اليوم التالي”.

ذريعة استمرار العدوان


يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أيمن الرقب أن ملف جثث الجنود الإسرائيليين استُخدم كذريعة للاستمرار في العدوان، وليس كهدف حقيقي، مشيراً إلى تعاون حماس والفرق الدولية للوصول إلى مواقع القتلى، ومع ذلك لا يُبدي الاحتلال رغبة حقيقية في استعادة جميع الجثث. ويشير إلى أن هذا الملف يُوظف سياسياً لضمان استمرار الضغوط العسكرية والسياسية على القطاع.

تهدئة شكلية وواقع دموي


يشدد الرقب على أن التهدئة الحالية لم توقف آلة القتل، حيث قتل نحو 400 فلسطيني خلال 65 يوماً، شملت عمليات اغتيال واستهدافات للمدنيين والقيادات، وهو ما يعكس نموذجا مشابها لما يحدث في لبنان من قصف متقطع تحت غطاء سياسي وأمني، في سياق يسعى الاحتلال من خلاله إلى تحويل غزة إلى ساحة استنزاف مفتوحة.

هندسة جغرافية وديموغرافية للقطاع


يكشف الرقب عن خطط لمشاريع إنشاء مناطق مثل “رفح الجديدة” أو “غزة الشرقية”، والتي تستهدف إعادة توزيع السكان وتقليص عددهم، سواء عبر القتل أو التهجير القسري أو ما وصفه بـ “الهجرة الناعمة”، حيث غادر نحو 20 ألف شخص القطاع خلال الحرب بذرائع متعلقة بازدواج الجنسية أو الروابط العائلية.

ملف السلاح والمرحلة الانتقالية


فيما يخص سلاح حماس، يقلل الرقب من حجم التهويل الإسرائيلي، مؤكداً أن القطاع لم يعد يمتلك صواريخ بعيدة المدى أو أسلحة نوعية، وأن التفاهم الأمرdكي مع حماس يقضي ببقاء السلاح الخفيف خلال المرحلة الانتقالية لضمان ضبط الشارع الغزي، في حين يرفض نتنياهو ذلك لأسباب انتخابية داخلية.

حماس بين العجز العسكري والوظيفة الأمنية


يشير الرقب إلى أن الخيارات العسكرية لحماس شبه معدومة، وهو ما يفسر استمرار الاحتلال في عمليات الاغتيال دون خشية من رد واسع. ومع ذلك، تعتبر الولايات المتحدة حماس الجهة الوحيدة القادرة على ضبط الأوضاع داخل القطاع خلال المرحلة الانتقالية، في ظل وجود عشرات آلاف الأيتام وحالة كراهية عميقة لا يمكن احتواؤها باتفاقات مؤقتة.

غياب فلسطيني وفراغ سياسي


ينتقد الرقب غياب منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة وحركة فتح عن المشهد، مؤكدا أن هذا الغياب أفسح المجال لتدخلات خارجية في تقرير مستقبل غزة.

ويحمل القيادة الفلسطينية مسؤولية عدم الدعوة إلى إطار جامع، ما قد يؤدي إلى إعادة إنتاج سيناريوهات سابقة لمصلحة أي طرف فلسطيني.

رفح الجديدة ومستقبل الحرب


يختتم الرقب بالإشارة إلى إعطاء الضوء الأخضر الأمرdكي لإزالة أنقاض رفح تمهيدا لبناء مدينة جديدة، معتبرا أن ذلك قد يؤجل الحرب الشاملة لكنه لا يوقفها، مشيرا إلى أن النموذج القائم يخدم الاحتلال أمنيا واقتصاديا، وبقاء الاحتلال مرهون بالدعم الأمريكي.

تعطيل متعمد لمسار السلام


يرى الباحث فادي حيلاني أن الحكومة الإسرائيلية تسعى لتعطيل أي مشروع سلام أمريكي في الإقليم، سواء في غزة أو لبنان أو سوريا، وأن استخدام ملف الرهائن والحديث عن جثة واحدة لا يعدو كونه ذريعة سياسية لتعطيل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.

السلوك العسكري الإسرائيلي


يشير حيلاني إلى أن إسرائيل لا تشن حروباً مفتوحة خشية تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية، وتعتمد على ضربات محددة وعمليات متفرقة للحفاظ على الضغط دون خرق الإرادة الأمريكية، مع توتر مستمر في التنسيق بين تل أبيب وواشنطن، كما ظهر بوضوح بعد اغتيال أحد قياديي حماس، الذي أثار غضب الرئيس الأميركي وأدى إلى رسائل شديدة اللهجة إلى نتنياهو.

اختبار الإرادة الأمريكية


يضع حيلاني المشهد الحالي في إطار “لحظة اختبار أمريكية فارقة”، مشددا على أن القدرة موجودة لفرض قرارات صعبة على إسرائيل، إلا أن السؤال الجوهري يتعلق بتوفر الإرادة السياسية الأمريكية للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وهو ما سيحدد قدرة المنطقة على استقرار طويل الأمد.

الانقسام الفلسطيني كأداة استراتيجية


يعتبر حيلاني أن إسرائيل تعتمد منذ سنوات على تعميق الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، مع رفض الإفراج عن شخصيات قادرة على توحيد الصف الفلسطيني، مثل مروان البرغوثي، لما قد يشكله ذلك من تهديد للمعادلة الإسرائيلية القائمة.

السلام مقابل استمرار الحروب


يخلص حيلاني إلى أن هناك مفترق مصالح واضح بين واشنطن وتل أبيب، فإسرائيل تريد استمرار الحروب بينما ترى الولايات المتحدة أن مصلحتها تكمن في وقفها وتقديم نفسها كراعٍ للسلام، ما يجعل المنطقة أمام اختبار مفتوح لمدى جدية الإرادة الأمريكية في فرض مسار سياسي يضع حداً لدورات العنف المتكرر.