الدوار الرقمي .. كيف تتسبب الهواتف الذكية في اضطراب التوازن ” الدوخة” ؟

بينما يعزى الدوار عادةً إلى الحركة المفاجئة أو مشاكل في الأذن الداخلية، يلفت الخبراء الآن إلى سبب حديث: الهواتف الذكية.
قد يكون هاتفك نافذتك على العالم الرقمي، لكن جسمك لا يزال يعيش في عالم فيزيائي تحكمه الجاذبية وقوانين الحركة، الشعور بالدوار أثناء أو بعد استخدام الهاتف قد يكون علامة على ما يعرف بـ “الدوار الرقمي”، وهي حالة تتعلق بكيفية تفاعل نظام التوازن في الدماغ مع التحفيز البصري المكثف، كما ورد في تقرير لموقع “أونلي ماي هيلث”.
ويوضح الدكتور أفيناش كولكارني، استشاري طب الأعصاب، أن الدوار في جوهره صراع حسي؛ فهو ينتج عن تضارب بين ما تراه العينان وما تستشعره الأذن الداخلية (مركز التوازن) وكيفية تفسير الدماغ لهذه الإشارات. في الوضع الطبيعي، تعمل هذه الأنظمة بتناغم، ولكن عندما يختل أحدها – كما يحدث مع الحركة البصرية السريعة على الشاشات – يصاب الدماغ بحالة من الارتباك.
ويشرح الدكتور كولكارني أن الهواتف مصممة لجذب الانتباه البصري عبر مقاطع الفيديو السريعة، والانتقالات المتلاحقة، والصور المضيئة.
هذه المحفزات تخدع الدماغ ليعتقد أن الجسم في حالة حركة، بينما يكون في الواقع ساكناً. هذا التضاد قصير المدى بين الإدراك البصري وإحساس التوازن يمكن أن يؤدي إلى أعراض مثل الدوخة والدوار وإجهاد العين وحتى الغثيان.
ويشير إلى تحول في نمط تشخيص أسباب الدوار؛ فبينما كانت الالتهابات أو اضطرابات معينة تعتبر المسبب الرئيسي، تُظهر الدراسات الحديثة نمطاً جديداً مرتبطاً بالاستخدام المطول للأجهزة الذكية.
فبحسب دراسة منشورة على “ResearchGate”، فإن العديد من الشباب، وخاصة من يقضون ساعات طويلة على الأجهزة، يبلغون عن دوخة مؤقتة أو اختلال في التوازن بعد فترات التصفح أو الألعاب المطولة.
لماذا الشباب أكثر عرضة؟
يبرر الدكتور كولكارني ذلك بأن الشباب هم الفئة الأكثر استخداماً للشاشات، حيث يتجاوز معدل الاستخدام اليومي لدى الكثيرين 6-8 ساعات للعمل أو الدراسة. كما أن عادات مثل استخدام الهاتف أثناء الاستلقاء، أو القيام بمهام متعددة، أو التصفح في إضاءة خافتة تزيد العبء على النظام الحسي. مع الوقت، يصبح الدماغ أكثر حساسية للحركة البصرية، مما يسهل حدوث نوبات الدوار.
ويعود السبب الفسيولوجي إلى أن قنوات الأذن الداخلية المملوءة بالسائل ترسل إشارات عن حركة الرأس وموضعه. عند مشاهدة محتوى سريع على الشاشة، تلتقط العينان هذه الحركة بينما تظل الأذن الداخلية ثابتة، مما يخلق تضارباً في المعلومات الواردة إلى مركز التوازن في الدماغ، فينتج عن ذلك الشعور بالدوار.
أعراض شائعة للدوار الرقمي
يذكر الدكتور كولكارني مجموعة من العلامات التي ينبغي الانتباه إليها:
– إحساس قصير بالدوران أو الدوخة بعد رفع النظر عن الهاتف.
– الشعور بعدم التوازن، خاصة عند الوقوف فجأة.
– شعور بثقل أو ضغط في الرأس بعد استخدام الشاشة.
– غثيان أو ارتباك خفيف.
– زيادة الحساسية للضوء الساطع أو الصور المتحركة.
**نصائح للوقاية:**
يقدم استشاري طب الأعصاب النصائح التالية لتخفيف أو منع هذه الأعراض:
1. أخذ فترات راحة بصرية منتظمة: انظر بعيداً عن الشاشة كل 20 دقيقة وركز على شيء بعيد لمدة 20 ثانية.
2. تجنب استخدام الهاتف أثناء الاستلقاء: حافظ على وضعية رأس مستقيمة لمساعدة الأذن الداخلية على تحديد الاتجاه بدقة.
3. استخدام إضاءة مناسبة: تجنب التصفح في الضوء الخافت لتقليل إجهاد العين.
4. الاعتدال في استخدام المحتوى: خفف من سرعة الرسوم المتحركة وتجنب الجلسات الطويلة مع المحتوى سريع الوتيرة.
5. العناية بالصحة العامة: اشرب كميات كافية من الماء واحصل على قسط وافر من النوم، إذ يمكن للجفاف والإرهاق تفاقم مشكلة الدوار.


تعليقات 0