26 ديسمبر 2025 15:27
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

في ذكرى ميلاد الفنان كمال الشناوي.. رحلة فنية استثنائية لأسطورة لا تغيب

تمر اليوم الجمعة ذكرى ميلاد أحد أبرز رموز الفن المصري، الفنان الكبير كمال الشناوي، الذي رسّخ اسمه كعلامة فارقة في تاريخ السينما المصرية، بفضل مسيرة طويلة لم تُقاس فقط بعدد الأعمال، وإنما بقدرة نادرة على التجدد الفني ومجاراة التحولات الفنية وتغيّر الأجيال.

وُلد كمال الشناوي باسم محمد كمال محمد علي الشناوي، ونشأ داخل أسرة أولت اهتمامًا كبيرًا بالعلم والفن، وهو ما أسهم في تشكيل وعيه الثقافي واختياراته الفنية لاحقًا.

وقبل أن يخطو خطواته الأولى في عالم التمثيل، عمل مدرسًا للتربية الفنية، كما مارس الفن التشكيلي، الأمر الذي انعكس بوضوح على أدائه التمثيلي، حيث امتلك حسًا بصريًا مميزًا وقدرة لافتة على استخدام تعبيرات الجسد والنظرات الدقيقة وتفاصيل الحركة أمام الكاميرا.

بدأ الشناوي مشواره السينمائي في أواخر أربعينيات القرن الماضي، وسرعان ما جذب الأنظار بوسامته وحضوره القوي، ليصبح خلال الخمسينيات والستينيات واحدًا من أبرز نجوم شباك التذاكر، ويُعرف آنذاك بلقب «دنجوان السينما المصرية» و«فارس الرومانسية».

لكن ذكاءه الفني دفعه إلى تجاوز نمط الأدوار الرومانسية التقليدية، فاتجه في مراحل لاحقة إلى تجسيد شخصيات أكثر تركيبًا وتعقيدًا، من بينها الشخصيات الانتهازية والشريرة، والمسؤول المتسلط، والأب القاسي، ونجح في تقديم هذه الأدوار بدرجة عالية من الواقعية، جعلت الجمهور يتقبله ويصدقه في مختلف المراحل العمرية.

وشارك كمال الشناوي في أكثر من 200 عمل فني ما بين السينما والتليفزيون والمسرح، وهو رقم يعكس استمراريته وقدرته على التكيف مع تغيرات الزمن.

كما تعاون مع كبار المخرجين والنجوم، وشارك في أفلام ناقشت قضايا سياسية واجتماعية مؤثرة، لا سيما خلال السبعينيات والثمانينيات، حيث قدّم أدوارًا جريئة عبّرت عن التحولات التي شهدها المجتمع المصري.

وخاض أيضًا تجربة الإخراج السينمائي مرة واحدة، في دليل على فهمه العميق لصناعة السينما بوصفها منظومة متكاملة، لا تقتصر على التمثيل فقط.

ومن أبرز أدواره التي لا تُنسى، تجسيده لشخصية وزير الداخلية في فيلم «الإرهاب والكباب» أمام عادل إمام، ودور رئيس الجمهورية في فيلم «ظاظا» لهاني رمزي، إلى جانب أعماله الأقدم، مثل فيلم «انتحار صاحب الشقة»، وشخصية رؤوف علوان في فيلم «اللص والكلاب»، تلك الشخصية التي جسّدت فلسفة الوصول إلى الغاية بأي وسيلة، فضلًا عن عشرات الأعمال الأخرى التي شكّلت علامات بارزة في تاريخه الفني.

وعلى الصعيد الإنساني، عُرف كمال الشناوي بشخصيته القوية والصريحة، وكانت حياته مليئة بالتجارب الإنسانية المتنوعة، وهو ما انعكس بوضوح على أدائه، ومنح أدواره قدرًا كبيرًا من النضج والصدق.

ورغم رحيله في 22 أغسطس عام 2011 عن عمر ناهز 89 عامًا، لا يزال كمال الشناوي حاضرًا بقوة من خلال أعماله التي تُعرض حتى اليوم، وتُعد مرجعًا فنيًا ونماذج حيّة للأداء المتنوع والمتطور في تاريخ السينما المصرية.