حانة يابانية ترفع شعار “الحق في التوقف” لمواجهة ضغوط الحياة

قررت عاملة اجتماعية يابانية التمرد على هذه المفاهيم الصارمة بطريقة مبتكرة. فبين جدران حانة “هيروسونا ناكاسو” بمدينة فوكوكا، لن يُسألك أحد عن إنجازاتك أو خططك المستقبلية، بل ستُدعى ببساطة لتكون “أنت”، حتى لو شعرت بأنك لا تفعل شيئاً على الإطلاق.

حانة نهارية للباحثين عن “السكينة”

على عكس الحانات التقليدية الصاخبة، تفتح “هيروسونا ناكاسو” أبوابها في وضح النهار، وتحديداً بين الثانية والسابعة مساءً. المكان ليس للباحثين عن السهر، بل هو “ملاذ آمن” لأولئك الذين أرهقتهم متطلبات الحياة اليومية.

هنا، تتبنى صاحبة المشروع الملقبة بـ “فيش أكيكو” نمط “بارات الوجبات الخفيفة” الياباني الحميمي، حيث تدير الحوار مع كل زبون بشكل فردي، محولةً المقهى إلى عيادة نفسية غير رسمية.

فلسفة أكيكو: الإنسان ليس “أداة”

بصفتها عاملة اجتماعية خاضت تجارب قاسية في مجتمع يربط القيمة بالوظيفة والمنصب، تسعى أكيكو من خلال شعار “لا بأس أن تكون عديم الفائدة” إلى كسر قيود التوقعات المجتمعية.

في حديث مؤثر لأحد الزوار، قالت أكيكو: “لقد بذلتِ جهداً كافياً، لا بأس الآن”. هذه الكلمات البسيطة تلخص رؤية المشروع: منح الإنسان الحق في “الوجود” دون شرط أن يكون منتجاً طوال الوقت.

من صدمة “سارس” وكورونا إلى “العمل الاجتماعي”

لم تكن الفكرة وليدة الصدفة، بل نتاج تجربة شخصية لأكيكو التي عاشت في الخارج وعايشت قضايا الأقليات والمهمشين. بعد عودتها لليابان عقب تفشي “سارس” ومرورها بتجربة جائحة كورونا، أدركت أن العالم يحتاج لمساحات تتقبل الضعف البشري.

ترى أكيكو أن “العيش من أجل الذات” ليس مرادفاً للكسل، بل هو الخطوة الأولى نحو توازن نفسي يحمي الإنسان من الانهيار.

تعمل الحانة خمسة أيام فقط في الشهر، لتظل تجربة فريدة وحصرية لمن يبحثون عن حوار صادق ودعم نفسي في بيئة بعيدة عن الأحكام. المكان اليوم أصبح وجهة لمختلف الفئات؛ من الموظفين المنهكين إلى الباحثين عن معنى جديد للحياة بعيداً عن صخب المنافسة.