مؤتمر أدباء مصر بالعريش يناقش المعالجات الدرامية للنص الأدبي في الوسائط الفنية المختلفة

عقدت خامس الجلسات البحثية ضمن فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السابعة والثلاثين، دورة الأديب الكبير الراحل محمد جبريل، المقام تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، واللواء الدكتور خالد مجاور محافظ شمال سيناء، والذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان.

وجاءت الجلسة تحت عنوان المعالجات الدرامية للنص الأدبي في الوسائط الفنية المختلفة، وأدارها الدكتور محمد عبيد، وتضمنت ثلاث أوراق بحثية ناقشت آليات التعامل الدرامي مع النصوص الأدبية وتحولاتها عبر وسائط فنية متعددة، في إطار بحث العلاقة بين الأدب والدراما وأساليب إعادة إنتاج النصوص إبداعيا.

واستهلت الجلسة بالورقة البحثية الأولى بعنوان وظائف الإعداد المسرحي المعاصر في مصر، للكاتب والناقد محمد علام، الذي تناول مفهوم الإعداد المسرحي، مؤكدا أن المشهد المسرحي المصري شهد خلال العقد الأخير تحولات لافتة، من أبرزها تنامي الاعتماد على الاقتباس الدرامي من النصوص الأدبية.

وأوضح أن الإعداد الدرامي لا يعد مجرد عملية اختصار أو تحويل ميكانيكي من وسيط سردي إلى وسيط مسرحي، بل يمثل فعلا إبداعيا قائما بذاته، مستعرضا عددا من المصطلحات المتداولة في الممارسة المسرحية والبحث النقدي، من بينها الإعداد والاقتباس والتحويل الدرامي، في محاولة لتجاوز الإشكاليات الاصطلاحية والوصول إلى مفهوم دقيق وواضح.

وأشار إلى أن جذور الإعداد المسرحي تعود إلى فترات سابقة على ظهور أنواع أدبية مثل الرواية والقصة القصيرة، موضحا أن الاقتباس الدرامي يتمثل في تحويل نص أدبي إلى نص مسرحي، وأن الرواية بسردها الممتد، والقصة القصيرة باختزالها الدقيق، أسهمتا في تطوير إمكانات الدراما المسرحية.

كما تناول دوافع الاقتباس المسرحي التي تتنوع بين احتياجات فنية وانفتاح فكري، متطرقا إلى وظائف الإعداد المسرحي، ومنها الوظائف الأيديولوجية والتفاوضية والوسائطية، لافتا إلى أن التعامل مع الزمن يعد من أخطر التحديات التي تواجه المعد الدرامي أثناء عملية التحويل.

وتناولت الورقة البحثية الثانية المعالجة الدرامية للنص الأدبي، للباحثة سارة أبو ريا، التي أكدت في مستهل حديثها أهمية دراسة الفئة المستهدفة عند تحويل النص الأدبي، مشيرة إلى أن العلاقة بين النصوص الأدبية والوسائط الفنية الأخرى علاقة تفاعلية تقوم على الاستلهام والتطويع بما يتناسب مع طبيعة العرض والجمهور المتلقي.

وأوضحت أن المعالجة الدرامية تمثل الخطوة الأولى لتحويل فكرة النص إلى قصة مكتوبة بانتظام ووضوح، سواء كان الهدف منها العرض المسرحي أو السينمائي أو التليفزيوني، مؤكدة أن إرضاء الجمهور يعد عنصرا أساسيا لتحقيق النجاح والعائد المادي.

وأضافت أن تعدد الوسائط الفنية يفرض ضرورة وضع ضوابط ومعايير واضحة لعملية التحويل، مع أهمية دراسة البيئة المحيطة بالوسيط الفني، مشيرة إلى أن النصوص الأدبية التي صمدت عبر القرون أتاحت فرصا متعددة لإعادة تقديمها برؤى معاصرة تتسم بالمرونة والانسيابية.

واستعرضت عددا من الركائز التي يجب أن يستند إليها المعد الدرامي، من بينها تقريب جو النص من بيئته الأصلية إلى البيئة المحلية، وتجنب التعقيد، وخلق تشابكات جديدة في بعض العلاقات، وإضافة وجهة نظر معاصرة، إلى جانب تفريع بعض الأحداث واختصار بعض المشاهد.

واختتمت الجلسة بالورقة البحثية الثالثة بعنوان سينوغرافيا مسرح الستينيات من الإطارية إلى الدراما، للناقدة هبة رجب شرف الدين، التي أكدت أن علامات السينوغرافيا تحمل دائما سمة التخاطب الذهني، سواء تجلت في عناصر بصرية أو سمعية داخل العرض المسرحي.

وأوضحت أن وظيفة الإطار تعد الوظيفة الأساسية في بناء الفضاء المسرحي، مستعرضة وظائف العناصر السينوغرافية، ومنها وظيفة الإطار بين الثبات والتحول، والوظيفة المباشرة بين التعيين والكشف، ووظيفة التشيؤ، مشيرة إلى أن سينوغرافيا مسرح الستينيات تجاوزت دورها الإطاري لتعزيز البعدين التعييني والجمالي، إلى جانب الوظيفة التبئيرية التي تمنح العناصر السينوغرافية صوتا دراميا داخل العرض.

وأكدت في ختام ورقتها أن السينوغرافيا أصبحت علامة كاشفة عن سلطة الفرد والسلطة المجتمعية داخل العمل المسرحي، ودورها في توجيه وعي المتلقي.

وشهدت الجلسة حضور الشاعر الدكتور مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، والدكتور شعيب خلف مدير عام إقليم القناة وسيناء الثقافي، إلى جانب عدد من الباحثين والنقاد والمثقفين المشاركين في فعاليات المؤتمر.

ويقام المؤتمر هذا العام تحت عنوان الأدب والدراما الخصوصية الثقافية والمستقبل، برئاسة الشاعر والسيناريست الدكتور مدحت العدل، والأمين العام الشاعر عزت إبراهيم، ويعقد بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، وينفذ من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، وإدارة المؤتمرات وأندية الأدب برئاسة الشاعر وليد فؤاد، بالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافي وفرع ثقافة شمال سيناء.

ويشارك في المؤتمر نخبة كبيرة من الأدباء والمبدعين والباحثين والنقاد والإعلاميين، ويتضمن إحدى عشرة جلسة بحثية، وورش عمل متخصصة في كتابة الدراما والسيناريو، وموائد مستديرة، وأمسيات شعرية وقصصية، وعروضا فنية، إلى جانب تكريم عدد من الرموز الإبداعية والنقاد والإعلاميين.

وتختتم فعاليات المؤتمر بعقد جلسة التوصيات في الثامنة والنصف مساء غد الاثنين، إلى جانب تكريم خاص لعدد من الرموز الإبداعية في مصر، وتكريم مبدعي شمال سيناء من الأدباء والنقاد الذين قدموا إسهامات بارزة في الحياة الثقافية المصرية.