“صوت الملايين الذي غيبه الموت “.. قصة استشهاد حذيفة الكحلوت وعائلته تحت أنقاض حي الرمال

في بيانٍ وداعيٍّ تاريخي صبغ الكوفية الحمراء بدماء صاحبها، أسدلت كتائب الشهيد عز الدين القسام الستار على حياة واحدة من أكثر الشخصيات غموضاً وتأثيراً في التاريخ العسكري المعاصر.
أعلنت المقاومة رسمياً استشهاد ناطقها الرسمي الأيقوني «أبو عبيدة»، حذيفة سمير الكحلوت، الذي ارتقى في غارة جوية استهدفت قلب حي الرمال بغزة، ليلتحق بموكب القادة الكبار الذين قادوا ملحمة “طوفان الأقصى”.
لم يكن رحيل “أبو عبيدة” وحيداً، بل جاء ضمن كوكبة من “صقور القسام” الذين شكّلوا كابوساً للاحتلال، وهم:
محمد السنوار: قائد هيئة الأركان والعقل المدبر لعمليات استراتيجية كبرى.
رائد سعد: “جنرال التصنيع” الذي نقل صواريخ المقاومة إلى آفاق غير مسبوقة.
محمد شبانة: قائد لواء رفح الصامد.
حكم العيسى وأبو عمر السوري: قادة الأركان الخدمية والقتالية.
من هو حذيفة الكحلوت؟.. “الباحث” الذي أرعب جنرالات تل أبيب
لأول مرة، تتكشف ملامح الأسطورة بعيداً عن القناع؛ حذيفة الكحلوت، المولود في غزة عام 1985، لم يكن مجرد مقاتل، بل كان أكاديمياً وباحثاً حصل على الماجستير في “أصول الدين” عام 2013.
أطروحته عن “الأرض المقدسة” لم تكن مجرد أوراق علمية، بل كانت عقيدة ميدانية طبقها منذ ظهوره الأول عام 2002، ليصبح منذ 2006 الصوت الرسمي والوحيد لكتائب القسام.
عاش الكحلوت حياة “الشبح”؛ نجا من محاولات اغتيال بدأت منذ 2003، واجه انفجار عبوات بمركباته، وتنقّل بين الأنفاق والشقق السكنية تحت قصف لا يتوقف.
دفع “أبو عبيدة” ثمن مواقفه من دمه ودماء عائلته؛ حيث ارتقى في الغارة الأخيرة رفقة زوجته وثلاثة من أطفاله، بعد أن قتلت آلة الحرب شقيقتيه “هيا وأفنان” وعائلاتهما، واعتقلت شقيقه محمد من داخل مستشفى كمال عدوان.
جسّد “أبو عبيدة” مدرسة إعلامية فريدة؛ بنبرته الحازمة وإشارات إصبعه الشهيرة، استطاع تحطيم معنويات جيش الاحتلال، محولاً بياناته إلى مواعيد مقدسة ينتظرها العالم من واشنطن إلى طهران.
ورغم إعلان وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس عن “تصفية” الملثم، إلا أن القسام ردت بـ”رسالة تحدٍ” وجودية؛ بإعلانها أن المتحدث الجديد سيحمل ذات اللقب «أبو عبيدة» وذات الكوفية، في إشارة إلى أن المقاومة “فكرة” لا تموت، وأن “الملثم” هو نهج عابر للشخوص.
بينما يطوي التاريخ صفحة حذيفة الكحلوت كأحد أعظم القادة الإعلاميين العسكريين، يبدأ فصل جديد مع “أبو عبيدة” الثاني، الذي أطل في كلمته الأولى مؤكداً أن “الطوفان” مستمر، وأن دماء القادة الراحلين ستكون هي الوقود للمرحلة المقبلة، في صراع لم يعد يكتفي بالرصاص، بل باتت فيه الكلمة والصورة سلاحاً لا يقل فتكاً.


تعليقات 0