30 ديسمبر 2025 01:41
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

في ذكرى رحيله الـ200.. جاك لوي دافيد: ريشة الثورة الفرنسية التي خلدت “موت سقراط” الهندسي

تمر اليوم، التاسع والعشرين من ديسمبر، ذكرى رحيل الفنان الفرنسي العالمي جاك لوي دافيد (1748-1825)، الذي غادر عالمنا في منفاه ببروكسل قبل قرنين من الزمان، تاركاً إرثاً فنياً لم يكن مجرد لوحات، بل كان دستوراً بصرياً للمدرسة الكلاسيكية الجديدة ومرآة عكست التحولات السياسية الكبرى في تاريخ فرنسا.

تعد لوحة “موت سقراط” (1787) أحد أعظم أعمال دافيد وأكثرها رمزية؛ حيث جسد فيها اللحظات الأخيرة للفيلسوف اليوناني في عام 399 قبل الميلاد، بعد الحكم عليه بالإعدام بتهمة “إفساد الشباب”.

عبقرية التكوين: تبرز اللوحة صمود سقراط وهو يمد يده بصلابة لتناول “السم”، بينما يغرق تلاميذه في نوبات من الحزن واليأس المتباين.

الدلالات الفنية: استخدم دافيد قواعد هندسية صارمة؛ حيث اعتمد على “الخط” كعنصر أساسي للتعبير عن القوة والعقل، مقدماً الشكل على اللون، وهي السمة الأبرز للمدرسة الكلاسيكية.

الرموز الخفية: نرى القيود الملقاة على الأرض والقيثارة الصامتة، في إشارة إلى تحرر الروح بالموت وتوقف نغمات الحكمة الأرضية.

ولد دافيد لعائلة باريسية متوسطة، وعاش يتم الأب بعد اغتيال والده. بدأت نقطة التحول في حياته عام 1774 حين فاز بـ “جائزة روما”، ليسافر إلى إيطاليا وينغمس في سحر الفن الكلاسيكي القديم وأعمال “نيكولا بوسان”.

هناك، صقل موهبته في إحياء التقاليد الرومانية التي جعلت منه لاحقاً “الرسام الرسمي” للثورة الفرنسية.

لم يكن دافيد فناناً منعزلاً، بل كان قلباً نابضاً للثورة الفرنسية؛ حيث عمل على تطويع الفن لخدمة المبادئ الجمهورية. أسس “أكاديمية الفنون” لتكون الممثل الرسمي للذوق الفني في عهد الثورة، محولاً اللوحات إلى أدوات للتعبئة الوطنية وإعلاء قيم التضحية والبطولة.

بقي جاك لوي دافيد حتى رمقه الأخير وفياً لمبادئه الفنية، تاركاً خلفه مدرسة أخرجت أجيالاً من الفنانين، ولوحات لا تزال تتصدر أكبر متاحف العالم، شاهدة على عصر كانت فيه الريشة أقوى من السيوف.