سقوط إمبراطورية الأسد.. أسرار هروب بشار وانهيار نظام الدم والقمع

غادر الرئيس السوري بشار الأسد بلاده نهائيا لينهي بذلك حكم آل الأسد الذي أمتد لقرابة نصف قرن، كما أن هذا الخروج المفاجئ يرمز إلى نهاية حقبة سياسية استمرت أكثر من عقدين، اتسمت بالصراع الدموي والحكم الاستبدادي.

حافظ الأسد

تفاصيل عملية الهروب
بحسب تقارير وكالة “رويترز”، التي استقت معلوماتها من عشرة مصادر مقربة من الدائرة الضيقة للأسد، فإن الخروج كان بمثابة عملية معقدة، حيث تم خداع أقرب المقربين للأسد، بمن فيهم شقيقه ماهر الأسد وأقاربه، حتى لا يعلموا بخططه للفرار من البلاد.

الأسد، الذي ظل لسنوات يحكم بلاده بقبضة حديدية، غادر دمشق بطريقة سرية للغاية، في عملية تمويه شملت تفعيل تدابير أمنية مشددة، بما في ذلك تفعيل الخداع الإعلامي والدبلوماسي عبر المخابرات الروسية. الطائرة التي أقلت الأسد اختفت عن الرادارات بعد إغلاق أجهزة الإرسال والاستقبال، وهو ما أثار شائعات حول تحطمها.

الخيانة والفرار العائلي
في الليلة التي سبقت مغادرة الأسد، تم إبلاغ بعض مساعديه المقربين بأنه سيعود إلى منزله بعد انتهاء عمله، لكنه اتجه بدلًا من ذلك إلى المطار. أحد أوجه الخيانة الكبرى في القصة هو أن الأسد لم يُبلغ حتى شقيقه ماهر الأسد بخطته، حيث غادر الأخير إلى العراق ومن ثم إلى روسيا.

كما لم يكن باقي أفراد عائلة الأسد على علم بخطة الهروب، إذ كانت زوجته أسماء وأبناؤه الثلاثة في انتظار وصوله إلى موسكو.

حادثة مخلوف
من بين القصص المأساوية التي رافقت الهروب، كان مصير ابنَي خال الأسد، إيهاب وإياد مخلوف. فقد حاول الاثنان الفرار إلى لبنان عبر سيارة، إلا أن مقاتلي المعارضة نصبوا لهما كمينًا على الطريق، حيث قُتل إيهاب مخلوف وأصيب إياد، ولا يزال مصير الأخير غامضًا حتى الآن.

لقاء الأسد الأخير مع القادة العسكريين
قبل ساعات من مغادرته، عقد الأسد اجتماعًا مع نحو 30 من قادة الجيش والأمن، وأكد لهم أن الدعم العسكري الروسي قادم وأن القوات البرية يجب أن تصمد.

وهذا الاجتماع الأخير كان بمثابة محاولة أخيرة لإخفاء الحقيقة عنهم، قبل أن يُغادر البلاد بأسرع وقت ممكن.

الذهاب إلى موسكو
بعد مغادرته دمشق، توجه الأسد إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية، ومن هناك أقلع إلى موسكو، حيث كان أفراد عائلته في انتظاره. توافدت التقارير عن مشاهد من منزل الأسد، الذي تركه على عجل، مع أطباق الطعام التي تركت على الموقد وبعض الأغراض الشخصية التي كانت مهملة في أماكنها.

تداعيات الرحيل
يعد هذا الرحيل بمثابة نقطة تحول في تاريخ سوريا، التي كانت تحت حكم الأسد لعقود طويلة. لقد أجج هذا الحدث الاحتفالات في صفوف المعارضة، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في مناطق مختلفة من سوريا تحت عنوان “جمعة النصر”، تعبيرًا عن سقوط نظام الأسد الذي دام طويلاً.

إن هروب بشار الأسد هو ليس مجرد رحيل سياسي، بل هو رمز لانهيار نظام كان يحكم سوريا بقبضة من حديد، ليفتح الباب لمرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.