محمود محيي الدين من جدة: دق ناقوس “أزمة ديون صامتة”
والحل في التمويل المحلي لا الاستدانة

أطلق الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق تمويل التنمية المستدامة، تحذيرًا قويًا من “أزمة ديون صامتة” تخنق العديد من الدول النامية وتُهدد قدرتها على تحقيق التنمية المستدامة، داعيًا إلى ثورة فكرية ومؤسسية في آليات التمويل العالمي.
جاء ذلك خلال ندوة حاشدة عُقدت بمقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة، تحت عنوان: “إعادة تصور التمويل العالمي للتنمية مع علاج أزمة الديون”، بحضور نخبة من كبار المسؤولين والخبراء الاقتصاديين.
أكد محيي الدين أن الأزمة الحالية لا تتجلى فقط في أرقام متصاعدة، بل في صمت الدول العاجزة عن سداد ديونها على حساب الخدمات الأساسية، حيث تضطر حكومات إلى التخلي عن التعليم والرعاية الصحية لتوفير أقساط الديون.
وأضاف أن فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة 2030 قفزت إلى 4 تريليونات دولار، وسط مناخ دولي متوتر تسوده النزاعات الاقتصادية وقيود على الاستثمار وتبادل المعرفة.
سلّط محيي الدين الضوء على نماذج دولية ناجحة، مثل الصين والهند ودول آسيان، التي نهضت من الفقر عبر تعبئة الموارد الوطنية والاستثمار في البنية التحتية البشرية والرقمية، مشيرًا إلى أن الكثافة السكانية يمكن أن تتحول إلى ميزة تنافسية إذا أحسنّا استغلالها.
وقال بلهجة قاطعة:”المشكلة ليست فقط في غياب التمويل، بل في غياب القيادة المؤسسية، والرؤية الوطنية المستقلة، والإرادة السياسية للإصلاح ” .
كشف محيي الدين عن خطة أممية من 11 توصية عملية وضعتها لجنة الخبراء التي يرأسها، وتشمل:
إصلاح نظام التمويل متعدد الأطراف بإعادة توجيه الموارد ووقف خدمة الدين أثناء الأزمات.
تعزيز التعاون الإقليمي بإنشاء منصات للمقترضين وتقديم المساعدة الفنية.
دعم السياسات الوطنية لتحسين إدارة الدين واستقطاب التمويل المستدام.
ودعا إلى إعادة تعريف العلاقة بين المقرضين والمقترضين، مطالبًا بتوسيع الإطار المشترك لمجموعة العشرين ليشمل الدول متوسطة الدخل، وإصلاح أدوات تقييم القدرة على تحمل الديون.
في ملف التمويل الإسلامي، قال محيي الدين إن القطاع لم يصل بعد إلى درجة الانخراط الكامل في النظام المالي العالمي، رغم نموه، مشددًا على ضرورة تبني أدوات رقمية ومستدامة لزيادة التأثير، منوهًا بأن التمويل الإسلامي يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في سد فجوة تمويل التنمية.
في ختام كلمته، حث محيي الدين البنك الإسلامي للتنمية على تبني نموذج جديد لإدارة أزمة الديون، من خلال إطلاق نادي المقترضين كمنصة تنسيقية ذات نفوذ عالمي، قائلًا:”أمامنا فرصة تاريخية.. فإما أن نُعيد صياغة مستقبل التمويل، أو نظل أسرى ماضٍ يُقيد التنمية ويغتال الأمل .
تعليقات 0