تصعيد كشمير يتراجع خطوة للوراء بعد اتصال هاتفي نادر بين الهند وباكستان

وسط دخان التصعيد ونذر مواجهة تتدحرج على وقع المدافع في كشمير، سُجّل اختراق دبلوماسي نادر أعاد خيوط الأمل إلى مشهد يوشك على الاشتعال. فقد كشفت قناة “سي.إن.إن نيوز 18” عن إجراء أول اتصال هاتفي مباشر بين مسؤولين رفيعي المستوى من الهند وباكستان، في خطوة مفاجئة جاءت وسط تصعيد عسكري غير مسبوق على خط السيطرة الفاصل في كشمير.
ورغم تكتم الجانبين على تفاصيل المكالمة، إلا أن مراقبين اعتبروها بارقة ضوء في ظلام الأزمة، ورسالة بأن لغة السياسة لم تُغلق أبوابها بالكامل بعد.
يأتي الاتصال في ظل تصعيد لافت بدأ قبل أيام، وشهد تبادل ضربات جوية وهجمات مدفعية دقيقة، دفعت هيئة الطيران المدني الباكستانية إلى تمديد إغلاق المجال الجوي حتى ظهر الأحد، في ظل ما وصفته بـ”ظروف أمنية حرجة”.
الجيش الباكستاني أعلن أن طائرات هندية قصفت مواقع عسكرية داخل باكستان، فيما ردّت نيودلهي بأن تلك العمليات جاءت ردًا على استهداف مدفعي طال منشآت مدنية في كشمير الهندية.
وفي مؤتمر صحفي لافت، أكدت القائدة العسكرية الهندية فيوميكا سينغ أن بلادها “ردت بفعالية” على هجمات طالت مدارس ومستشفيات، وكشفت عن محاولة توغل باستخدام طائرات مسيرة. وأضافت أن باكستان أطلقت صاروخًا فائق السرعة صوب قاعدة جوية في ولاية البنجاب، في تصعيد وصفته بـ”الرسالة الواضحة”.
ورغم كل ذلك، حافظت تصريحات المسؤولين الهنود على نبرة “محسوبة”، ما فسره محللون كإشارة إلى رغبة في إبقاء الأزمة تحت السيطرة وتفادي الانزلاق إلى حرب مفتوحة.
تصعيد كشمير
سياسيًا، برزت تصريحات وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار، التي شكلت لفتة تهدئة مباشرة حين قال: “إذا توقفت الهند عند هذا الحد، فسنتوقف نحن أيضًا”، مشددًا على رغبة بلاده في السلام دون هيمنة.
لكن الموقف الأبرز جاء من وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف، الذي فاجأ المتابعين بنفي وجود أي اجتماع طارئ لهيئة القيادة الوطنية المشرفة على الترسانة النووية، على عكس ما أعلنه سابقًا الجيش. هذا التباين فسّره المراقبون كمؤشر إلى أن باكستان لا تسعى إلى تصعيد يصل إلى التهديد النووي.
دبلوماسيًا، دخلت واشنطن بقوة على خط الأزمة، إذ أجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اتصالات مباشرة مع وزيري خارجية الهند وباكستان وقائد الجيش الباكستاني، مشددًا على ضرورة “إعادة فتح قنوات الاتصال المباشر” وتفادي سوء التقدير. الخارجية الأمريكية أعلنت أن روبيو عرض وساطة رسمية، هي الأولى من نوعها منذ اندلاع التوتر، معتبرة أن الحوار المباشر هو السبيل الوحيد لوقف الانزلاق نحو الأسوأ.
ورغم استمرار التوتر على الأرض، فإن غياب الاجتماعات الطارئة حول الأسلحة النووية، وتصريحات التهدئة المتبادلة، تؤشر إلى أن الأزمة لم تصل بعد إلى “نقطة اللاعودة”. لكن بقاء الوضع هشًا ومرهونًا بتحركات سريعة على الجانبين، يضع المنطقة على حافة اختبار جديد.
فكشمير، التي كانت ولا تزال بؤرة اشتعال قابلة للانفجار في أي لحظة، تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى صوت العقل… وربما إلى المزيد من تلك المكالمات الهاتفية التي تسبق عادة اتفاقات كبرى.
تعليقات 0