رحلة لم تكتمل: جدل واسع حول سفينة “مادلين” ودورها الحقيقي في كسر حصار غزة

أثارت رحلة السفينة “مادلين” المتجهة إلى قطاع غزة، والتي أوقفتها القوات الإسرائيلية قبل وصولها، موجة جدل واسعة على الصعيدين الإعلامي والسياسي، بين من يعتبرها محاولة رمزية للضغط على الاحتلال، ومن يراها حملة استعراضية لم تغيّر شيئًا في الواقع الإنساني المعقد داخل القطاع المحاصر.
ورغم إشادة أطراف دولية بما وصفوه بـ”التحرك الإنساني الشجاع”، فقد طُرحت تساؤلات عديدة حول جدوى الرحلة، وتوقيتها، والأهداف غير المعلنة التي قد تكون كامنة خلفها، خاصة أنها انطلقت في ظروف يعلم الجميع استحالة وصولها إلى وجهتها.
انتقادات لاذعة وُجّهت للخطاب الإعلامي المرافق للرحلة، الذي رافق مادلين وفريقها منذ انطلاقهم، إذ اتهمهم بعض المحللين بتقديم “صورة مثالية زائفة” عن التعاطف الإنساني، بينما بقيت المعاناة اليومية لأهالي غزة دون دعم حقيقي أو تغيير ملموس على الأرض.
واعتبر منتقدون أن التفاعل الدولي مع السفينة، والذي وصل حد المطالبة بحمايتها دوليًا، يعكس ازدواجية في المعايير، حيث لا تحظى الجرائم اليومية بحق الفلسطينيين بنفس الاهتمام أو التضامن العالمي.
بموازاة الجدل الدائر، عبّر كثير من المراقبين عن استغرابهم من التركيز المستمر على مهاجمة الحكومات العربية، في حين أن تلك الحكومات، بحسب مصادر رسمية، ما زالت تبذل جهودًا متواصلة لتقديم المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، في ظل ظروف معقدة وضغوط دولية.
واتهم بعض المتابعين وسائل إعلام بعينها، بينها قناة الجزيرة، بـ”تسييس القضية” وفرض سردية تُحمّل العرب المسؤولية الكاملة، في الوقت الذي يغيب فيه النقد الجاد للقوى الدولية التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي سياسيًا وعسكريًا.
من جانبه، صرّح زاهر البيراوي، رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، بأن “مادلين” لم تكن تمثل خطرًا على أحد، وتحمل فقط مساعدات إنسانية. وأكد أن اللجنة مستمرة في جهودها لإرسال سفن أخرى، معتبرًا أن اعتراض السفينة “يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض في “مادلين” رمزية مهمة لكسر الحصار، يرى آخرون أنها لم تكن سوى رحلة ترفيهية بغطاء إنساني، تعزز من “صورة الاحتلال المتسامح”، في الوقت الذي يواصل فيه ارتكاب الانتهاكات بحق الفلسطينيين، خاصة الأطفال، تحت ذريعة “الدفاع عن النفس”.
تعليقات 0