قاضي قضاة فلسطين: دور مصر تاريخي وممتد منذ 1948
ورفض التهجير أسقط مخططات خطيرة ضد غزة

أكد الدكتور محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية، أن ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية “أكبر من أن يوصف”، مشددًا على أن الدور المصري تجاه فلسطين تاريخي وممتد منذ عام 1948 وحتى اليوم، ولم ينقطع في أي مرحلة من مراحل الصراع.
وأوضح الهباش، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، على هامش مشاركته في ندوة «الفتوى وقضايا الواقع الإنساني: نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة» التي عُقدت بالقاهرة، أن مصر خاضت حروبًا متتالية دفاعًا عن فلسطين، وقدمت آلاف الشهداء والجرحى، في تأكيد عملي على أن القضية الفلسطينية كانت وستظل في صدارة أولويات الدولة المصرية.
وأشار قاضي قضاة فلسطين إلى أن الموقف المصري الحاسم خلال الأزمة الأخيرة، وعلى رأسه الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين، حال دون تنفيذ مخططات إسرائيلية خطيرة كانت تستهدف تهجير أعداد كبيرة من سكان قطاع غزة، مؤكدًا أن هذا الموقف شكّل صمام أمان حقيقيًا للشعب الفلسطيني.
وأضاف أن نحو 60% من المساعدات الإنسانية التي دخلت قطاع غزة جاءت من مصر، سواء عبر الدولة أو الحكومة أو الشعب المصري، إلى جانب الدور البارز للأزهر الشريف، ما يعكس عمق التضامن المصري الرسمي والشعبي مع معاناة الفلسطينيين.
وأكد الهباش أن مصر قادت جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي واصل انتهاكاته حتى بعد الإعلان عنه، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء، مشددًا على أن الفلسطينيين يرون في مصر “الأمل الحقيقي”، وأن فلسطين لن تضيع في ظل هذا الدعم الصادق والمستمر.
وفيما يتعلق بمحور الندوة، حذر قاضي قضاة فلسطين من الاستخدام غير المنضبط للذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء والدعوة، مؤكدًا أن الفتوى ليست مجرد إجابة آلية، بل عملية إنسانية معقدة تتداخل فيها الأبعاد النفسية والاجتماعية والوجدانية.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، ويمكن الاستفادة منه في مجالات مثل الصناعة والزراعة والإعلام، لكن استخدامه في القضايا الإنسانية والدينية، وعلى رأسها الإفتاء، يتطلب ضوابط صارمة ومراجعة دقيقة، لأن اختزال دور المفتي في منظومة سؤال وجواب آلية يمثل “مزلِقًا خطيرًا”.
وشدد على أن بعض مسائل الفتوى تتجاوز الجانب العقلي إلى البعد الوجداني، وهو ما لا تستطيع التقنيات الحديثة محاكاته أو الإحاطة به، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة في نشر المعرفة وسرعة الوصول إلى المتلقي، لكنه لا يجوز أن يحل محل العالم أو المفتي.
وفي سياق متصل، أدان الهباش بشدة استخدام إسرائيل للتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين، مؤكدًا أن الاحتلال يبتكر يومًا بعد يوم وسائل أكثر إجرامية، تشمل المراقبة والتنصت، واستخدام أسلحة محرمة دوليًا وذخائر ذات قدرة تدميرية هائلة.
وساق مثالًا شخصيًا مؤلمًا، موضحًا أن صاروخًا واحدًا دمر منزلًا بالكامل وأدى إلى استشهاد نحو 20 فردًا من عائلته، بينهم شقيقته، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الجثامين لم يُعثر حتى على عظامها، في مشهد يعكس بشاعة الأسلحة المستخدمة.
وأكد قاضي قضاة فلسطين أن مخرجات الندوة عكست مشاعر الأمة العربية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية، وجددت التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والدعم الكامل لأهالي قطاع غزة، ورفض جميع ممارسات الاحتلال بحق المدنيين.
وأوضح أن القضية الفلسطينية ستظل القضية الجامعة التي لا يختلف عليها العرب والمسلمون، معتبرًا أن ما دار في الندوة هو انعكاس لما يختلج في صدور ملياري مسلم وملياري مسيحي حول العالم.
واختتم الهباش تصريحاته بالتأكيد على أن الفلسطينيين يقدّرون كل موقف عربي أو إسلامي أو إنساني داعم لقضيتهم، مشددًا على أن المطلوب في المرحلة الراهنة ليس الدخول في حروب، بل الاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني سياسيًا وإنسانيًا، والحفاظ على عدالة القضية وحيويتها حتى زوال الاحتلال.


تعليقات 0