مدبولي في ختام أسبوع القاهرة للمياه: النيل قضية وجودية ومصر لن تفرط في حقوقها

ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، كلمة قوية خلال الجلسة الختامية لفعاليات “أسبوع القاهرة الثامن للمياه”، الذي انعقد تحت شعار “حلول مبتكرة للتكيف مع تغير المناخ واستدامة المياه”، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، في الفترة من 12 إلى 16 أكتوبر الجاري، مؤكدًا أن مصر تتعامل مع ملف المياه باعتباره قضية أمن قومي لا تقبل المساومة.
وقال رئيس الوزراء إن هذا الأسبوع جاء ثريًا بالأفكار والرؤى الجديدة، ومتنوعًا في المشاركات الدولية والإقليمية التي أظهرت إدراكًا عالميًا متزايدًا لضرورة التعاون في مواجهة أزمة المياه العالمية، خاصة في ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية متسارعة وضغوط متزايدة على الموارد الطبيعية.
وأوضح الدكتور مدبولي أن جلسات أسبوع القاهرة تناولت بشكل معمق التحديات الجوهرية التي تمس الأمن المائي الدولي، وكيف يمكن للدول أن تدير مواردها المائية بطريقة توازن بين احتياجات التنمية ومتطلبات الأمان المائي لشعوبها، مشيرًا إلى أن مصر تُعد نموذجًا واضحًا لتلك التحديات المعقدة، نظرًا لاعتمادها بنسبة تتجاوز 98% على نهر عابر للحدود، في ظل زيادة سكانية متواصلة وانخفاض نصيب الفرد من المياه إلى أقل من حد الندرة المائية العالمي.
وأضاف أن هذه التحديات ليست حكرًا على مصر، بل تتقاطع مع واقع كثير من دول العالم التي تواجه أزمات مشابهة، وهو ما يستدعي – بحسب مدبولي – تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق أمن مائي مستدام يقوم على العدالة في توزيع الموارد والكفاءة في إدارتها.
وأشار إلى أن التغيرات المناخية تفرض على مصر تحديات إضافية، خاصة في دلتا النيل والسواحل الشمالية، حيث تتزايد مخاطر الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يستلزم حلولًا مبتكرة واستراتيجيات متكاملة للتعامل مع هذه المخاطر.
وانتقل رئيس الوزراء في كلمته للحديث عن التحديات الخارجية، مؤكدًا أن مصر لا تزال تواجه صعوبات معقدة في إدارة الأنهار المشتركة، وعلى رأسها نهر النيل الذي يمثل شريان الحياة لأكثر من مائة مليون مواطن مصري، مشددًا على أن القيادة السياسية تعتبر مياه النيل قضية وجودية لا يمكن التهاون فيها بأي شكل من الأشكال.
وأكد مدبولي أن التعاون القائم على العدالة والمنفعة المشتركة هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية لجميع دول حوض النيل، موضحًا أن الحوض لا يعاني من شح في الموارد المائية، إذ يتساقط عليه أكثر من 1660 مليار متر مكعب من الأمطار سنويًا، بينما لا يصل إلى دولتي المصب – مصر والسودان – سوى 84 مليار متر مكعب فقط، أي ما لا يتجاوز 5% من إجمالي الموارد المائية للنهر.
وانتقد رئيس الوزراء ما وصفه بـ”الخطاب الأحادي” الذي تروج له بعض الأطراف، والذي يحاول تقديم مفاهيم مغلوطة حول ملكية مياه النيل ومصادرها، مؤكدًا أن هذه الادعاءات تخالف مبادئ القانون الدولي، وتتجاهل أن النهر نظام بيئي متكامل تشترك فيه جميع دول الحوض بحقوق وواجبات متوازنة.
وفي سياق متصل، أشار مدبولي إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه مصر في دعم التنمية الإفريقية من خلال مشروعات حقيقية في مجالات المياه والطاقة والزراعة، انطلاقًا من إيمانها بأن التنمية تقوم على التعاون والتكامل لا على الانفراد أو الإضرار بالآخرين، مؤكدًا أن من يتجاهل هذه الحقيقة يعاني خللًا في الرؤية لا في الواقع.
واختتم رئيس الوزراء كلمته بالتشديد على أن الأمن المائي المصري ليس موضعًا للتجريب السياسي ولا مجالًا للمساومة، مؤكدًا أن أي تفكير في المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل هو “وهم لا أساس له”، وأن مصر ستظل ملتزمة بالقانون الدولي في تعاملها مع القضايا المائية، وفي الوقت نفسه حازمة في الدفاع عن حقوقها بكل الوسائل المشروعة.
تعليقات 0