20 يوليو 2025 21:43
سيناء الإخبارية
سيناء الإخبارية

مفتي الجمهورية: الذكاء الاصطناعي لا يمكنه صناعة الفتوى لافتقاده ملكة الفقه وروح المقاصد

قال الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان بالعقل، ومن هذه القدرة نشأت العلوم وتفرعت الصناعات والفنون، وبلغت البشرية عصرًا تحاكي فيه التقنية الإدراك البشري وتتخذ قرارات معقدة، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا منفصلًا، بل هو امتداد للعقل الإنساني، ومن الطبيعي تسخيره لخدمة الإنسانية ضمن إطار من القيم والضوابط.

جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر الخامس لكلية الآداب بجامعة المنصورة، تحت عنوان: “الذكاء الاصطناعي أُسسه المنطقية وأبعاده المستقبلية”، حيث شدد فضيلته على أن الإسلام رفع من شأن العقل، وجعله مناطًا للتكليف، مؤكدًا أن الشريعة لا تتصادم مع العقل، بل تنيره وتوجهه.

وأوضح المفتي أن الذكاء الاصطناعي يقوم على المنطق الرياضي والتعلم الإحصائي ونمذجة المعرفة، وهي أدوات تعكس أدق تجليات العقل البشري، وتنتج أنظمة قادرة على التحليل والتشخيص. ولفت إلى أن التعامل مع هذه التقنيات يجب أن يتم من جهتين: الأولى تتعلق بالأمل في نفع البشرية، والثانية بالحذر من تهديداته الأخلاقية والمعرفية.

وأكد أن هذه التهديدات تتجلى في أبشع صورها عند استخدام الذكاء الاصطناعي في القتل، كما حدث في العدوان على غزة، حيث تم استخدام التقنية لتحليل الصور واستهداف الأحياء السكنية، ما أدى إلى آلاف الضحايا، داعيًا إلى وضع ميثاق أخلاقي عالمي يحكم استخدامات الذكاء الاصطناعي، بعيدًا عن منطق السوق والربح، وبما يحقق العدل والرحمة.

كما دعا مفتي الجمهورية إلى تنشئة تربوية ودينية للأجيال القادمة تعلمهم أن التقنية وسيلة وليست غاية، مشددًا على أهمية التوازن بين العقل والنقل في التعامل مع هذه المستجدات.

وأشار فضيلته إلى أن دار الإفتاء المصرية، من خلال الأمانة العامة، تتعامل مع واقع الذكاء الاصطناعي بوعي علمي ومسؤولية شرعية، معلنًا أن الدار ستنظم مؤتمرها العالمي العاشر بعنوان: “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”، يومي 12 و13 أغسطس 2025، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتأصيل دور المفتي في مواكبة المتغيرات.

وأكد أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه الاستقلال بصناعة الفتوى، لأنه يفتقد إلى مَلَكة الفقه وروح المقاصد، محذرًا من فوضى فكرية قد تنتج عن الاعتماد على برامج الذكاء في الفتوى، وداعيًا إلى التمييز بين أدوات المعرفة وأدوات الإفتاء.

كما أوصى فضيلته بضرورة المحافظة على تدريس المواد الفلسفية والمنطقية، مؤكدًا على علاقتها الوثيقة بالعلوم التجريبية والإنسانية، مشيرًا إلى أن المؤتمر جاء في وقته للرد على محاولات التقليل من أهمية هذه العلوم.

وشهد المؤتمر حضورًا واسعًا من القيادات الأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس بجامعة المنصورة، يتقدمهم الدكتور شريف خاطر، رئيس الجامعة، والدكتور محمود الجعيدي، عميد كلية الآداب، والدكتور مسعد سلامة، وكيل الكلية للدراسات العليا.