مسجد ابن طولون..  جوهرة إسلامية تروي قصة العمارة الفريدة

بني مسجد ابن طولون بين عامي 876-879م بأمر من أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية في مصر، ليكون المسجد الجامع لمدينته الجديدة “القطائع”.

يعد أقدم مسجد في مصر يحافظ على هيئته الأصلية، حيث نجا من التدمير الذي طال عاصمته عام 905م بفضل قدسيته الدينية. شُيد على ربوة صخرية تُعرف بـ”جبل يشكر” – والتي تروي الأساطير المحلية أن سفينة نوح رست عليها – في منطقة السيدة زينب الحالية. تعاقبت عليه عصور الإهمال والترميم، أبرزها ترميم السلطان المملوكي لاجين (1296-1299م) الذي أضاف نافورته الشهيرة وقبة المحراب، بينما حوله محمد علي إلى مستشفى ومصنع في القرن 19 قبل استعادته كتحفة معمارية .

يتميز المسجد بتصميمه المستوحى من العمارة العباسية في سامراء (العراق)، خاصة مئذنته الفريدة ذات السلم الحلزوني الخارجي – الوحيدة من نوعها في مصر. تبلغ مساحته 26,318 م²، ويُحاط بزيادة (فناء خارجي) كحاجز بين الصلاة والضوضاء.

تُزين أقواسه زخارف جصية مُحفورة بأنماط نباتية وهندسية، بينما يضم الصحن الأوسط قبةً ترجع للعصر المملوكي. يُعتبر أول مبنى إسلامي يستخدم العقود المدببة والدعائم الحجرية بدلاً من الأعمدة، مما أثر لاحقاً في العمارة القوطية الأوروبية. صممه مهندس يُدعى “سعيد بن كاتب الفرغاني” وفق روايات تاريخية، ما يفسر اندماج التأثيرات السامرية باللمسات المصرية .