9 نوفمبر 2024 19:34

قمة مجموعة بريكس 2024.. توسع اقتصادي بقيمة 28.3 تريليون دولار وتوازن عالمي جديد

في مدينة قازان الروسية، انطلقت فعاليات القمة السادسة عشرة لـ مجموعة بريكس، في حدث يُعتبر من بين الأكثر أهمية على الساحة الاقتصادية والسياسية العالمية.

القمة التي انطلقت أمس الثلاثاء وتستمر حتى يوم الخميس، 24 أكتوبر الجاري، تشهد مشاركة واسعة تضم نحو 38 دولة و24 رئيس دولة، بينهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

هذه القمة تحمل معها زخمًا اقتصاديًا وسياسيًا غير مسبوق، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

قمة مجموعة بريكس 2024.. توسع اقتصادي بقيمة 28.3 تريليون دولار وتوازن عالمي جديد

بريكس 2024: توسع عضوي وتنامي اقتصادي

شهد عام 2024 تحولًا جذريًا في مجموعة بريكس، مع توسع عضوي ضم خمس دول جديدة إلى التكتل، وهي مصر، السعودية، الإمارات، إيران، وإثيوبيا.

هذه الإضافات رفعت عدد الدول الأعضاء من خمسة إلى عشرة، حيث كانت المجموعة تتألف سابقًا من الصين، الهند، روسيا، البرازيل، وجنوب إفريقيا. هذا التوسع عزز القوة الاقتصادية للمجموعة، حيث ارتفعت مساهمتها في الاقتصاد العالمي من 25% إلى 40%.

وبهذا، ارتفع الناتج الإجمالي لدول التكتل إلى 28.3 تريليون دولار مقارنة بـ 25.8 تريليون دولار قبل التوسع، مما يعكس الأثر الهائل لعضوية الدول الجديدة على الاقتصاد العالمي.

نقاشات حيوية حول القضايا الاقتصادية
في قلب أجندة القمة، تقف قضايا التنمية الاقتصادية للدول الأعضاء على رأس الأولويات. حيث تسعى دول بريكس إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق نمو مستدام داخل بلدانها. تُعد قضية دعم جهود التنمية من القضايا الرئيسية التي سيتم التركيز عليها في القمة، وذلك من خلال تقديم دعم ملموس للدول الأعضاء لتحقيق الانتعاش الاقتصادي.

ويعتبر تحقيق هذا النمو هو مفتاح قوة تكتل بريكس وتأثيره في الساحة الاقتصادية العالمية.

كما تتناول القمة قضايا تغير المناخ، وهو ملف يتصدر اهتمامات بريكس منذ سنوات. حيث عقدت المجموعة اجتماعًا رفيع المستوى حول تغير المناخ في أغسطس 2024، برئاسة وزير التنمية الاقتصادية الروسي، مكسيم ريشتنيكوف.

هذا الاجتماع ناقش العديد من القضايا المهمة، بما في ذلك السياسات المتعلقة بتخفيف الكربون وزيادة القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، مع مراعاة احتياجات الدول النامية.

قمة مجموعة بريكس 2024.. توسع اقتصادي بقيمة 28.3 تريليون دولار وتوازن عالمي جديد

تعزيز العلاقات التجارية بين الأعضاء

التبادل التجاري بين دول بريكس يشغل أيضًا حيزًا كبيرًا في النقاشات، حيث تسعى الدول الأعضاء إلى تعزيز التجارة بينها بالعملات المحلية، مما يخفف من الاعتماد على الدولار الأمريكي. في هذا السياق، طالبت مصر في يونيو الماضي بتحفيز التعامل بالعملات المحلية خلال كلمة ألقاها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في ملتقى “بنك التنمية” التابع لبريكس في القاهرة.

وهذا المقترح من المتوقع أن يكون ضمن القضايا الرئيسية التي سيتم مناقشتها في قمة قازان، إلى جانب فكرة استخدام عملة موحدة بين دول بريكس، مثل العملات الرقمية.

إصلاح النظام المالي العالمي

من بين المبادرات التي يُتوقع أن تناقشها القمة بشكل كبير، هي تلك المتعلقة بإصلاح النظام النقدي والمالي العالمي. حيث أعلنت وزارة المالية الروسية والبنك المركزي الروسي عن تعاون مع شركاء بريكس لإعداد تقرير حول مشروع تحسين النظام المالي الدولي.

وقد يتم إنشاء منصة رقمية للتسوية والدفع الرقمي، ما قد يمثل نقلة نوعية في كيفية إدارة الأنشطة المالية بين الدول الأعضاء.

التأثيرات الاقتصادية والجيوسياسية

مع انعقاد القمة في هذا التوقيت الحساس، تتوقع الدول الأعضاء أن تسهم في مواجهة التأثيرات السلبية الناجمة عن التوترات الجيوسياسية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة. هذه التوترات أثرت بشكل كبير على دول الشرق الأوسط والدول النامية، التي عانت من خسائر اقتصادية كبيرة.

في مصر، على سبيل المثال، تراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار في 2022 /2023 إلى 7.2 مليار دولار في 2023/2024، مما يعزز الحاجة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول بريكس لتعويض هذه الخسائر.

تمويل التنمية المستدامة
من المتوقع أن تقدم قمة قازان حلولًا تمويلية للدول الأعضاء، خاصة في ظل نقص مصادر تمويل التنمية في العديد من الدول.

بنك التنمية الجديد، الذي يمارس دورًا تنمويًا بارزًا في إفريقيا، قد يعلن عن تقديم تمويلات ضخمة للمناطق الأكثر فقرًا في جنوب إفريقيا، لتمويل مشروعات المياه والصرف الصحي.

قمة مجموعة بريكس 2024.. توسع اقتصادي بقيمة 28.3 تريليون دولار وتوازن عالمي جديد

وهذا التمويل سيكون بشروط ميسرة، بعيدًا عن الصعوبات التي تفرضها المؤسسات الدولية الأخرى، ما سيخفف من الضغط على الدول الأعضاء ويعزز من قدرتها على تحقيق التنمية المستدامة.

رسالة إلى العالم: تكتل جديد يغيّر الموازين
انعقاد قمة بريكس قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية يبعث برسالة واضحة بأن النظام العالمي يتغير.

التكتل الاقتصادي الذي يجمع بين قوى اقتصادية كبيرة مثل الصين، الهند، وروسيا، إلى جانب الدول الأعضاء الجديدة، يشكل قطبًا اقتصاديًا جديدًا يُحدث توازنًا مع القوى العالمية التقليدية. هذا التكتل يعمل على تقليل الهيمنة الدولارية، ويمهد لإنشاء نظام اقتصادي أكثر تعددية وتوازنًا.

كسر العزلة الاقتصادية
الدول التي فُرضت عليها عقوبات غربية، مثل روسيا وإيران، ترى في قمة بريكس فرصة ذهبية لتعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية. التعاون المتزايد بين هذه الدول والدول الأعضاء في بريكس سيخلق اتفاقيات ومعاهدات جديدة تُسهم في كسر العزلة الاقتصادية المفروضة عليها.

وعلى سبيل المثال، التجارة بين روسيا وإيران شهدت نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن تسهم القمة في توقيع المزيد من الاتفاقيات في مجالات النقل، النفط، والمنتجات الزراعية.

ختام القمة: توازن اقتصادي جديد
في الختام، يمكن اعتبار قمة بريكس في قازان بمثابة نقطة تحول في النظام الاقتصادي العالمي. القمة تُظهر أن هناك تكتلًا اقتصاديًا وسياسيًا جديدًا قادرًا على التأثير في الاقتصاد العالمي وتحقيق التوازن في القوى الاقتصادية. التعاون المتزايد بين دول بريكس سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي،

وسيعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة للدول الأعضاء، ويُخفف من تأثيرات التوترات الجيوسياسية التي تعصف بالعالم.